محمد بركة

ثورات العرب.. والانبعاج الانكساغورى

الخميس، 16 فبراير 2012 09:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثل البطل التراجيدى الذى يسير نحو حتفه فى المسرحيات الإغريقية مدفوعاً بقوى قاهرة، حملت كتاب «ثورات العرب خطاب التأسيس» للدكتور على مبروك فى يدى وأنا أصعد إلى الطابق الأخير بالأهرام لتناول الغداء فى المطعم.

مجرد عادة قديمة لمقاومة الملل حين أكون بمفردى فأستعين على دقائق الانتظار بمجلة خفيفة أو مقالات لايت، لكنى هذه المرة لم أجد أمامى سوى هذا الكتاب القابع منذ أسابيع على مكتبى دون أن أقربه. تصفحت سريعاً فصول الكتاب، فهالنى نوع الأسلوب وطبيعة المصطلحات وماركة التراكيب اللغوية!

«النوس الانكساغورى.. الانبناء السياساوى.. الجهاز المفاهيمى.. القياس الاستتباعى.. القياس الاستلقاحى.. المشرق البيانى العرفانى.. السلف النيوتونى.. منهج مانوى معيارى.

طبعاً هذه المصطلحات سالفة الذكر مجرد «عينة» صغيرة لمئات أخرى لا يسع المقام لذكرها جميعاً، لكن المدهش حقاً أن الأمر لم يتوقف عند هذه الحدود، بل امتد إلى عبارات وجمل كاملة من نوعية: التحول من نسق المعرفة الأرسطى الاستنباطى المغلق إلى نسق المعرفة البيكونى الاستقرائى المفتوح.. ارتسام المشرق كفضاء للعرفان الغنوصى أجبر «الكندى» على أن يقف وحيداً فى العزلة والعراء.

ولأن الجواب يُقرأ من عنوانه، ستجد عناوين الفصول هى الأخرى آخر آلاجة:
الفصل الثالث: عن سؤال الواقع ونقل مركز المقاربة من البرانى إلى الجوانى.. الفصل الرابع: من النقد إلى نقد النقد... هل غاب الواقع كأيديولوجيا؟ «ونسى المؤلف أن يتبع هذه العناوين بالتساؤل التاريخى الميتافيزيقى «عروستى؟»

بحثت بين دفتى الكتاب عن أى شىء يشير إلى أنه يخاطب طبقة معينة من القراء فلم أجد، وبالتالى ليس أمامى سوى التعامل معه باعتباره عملاً موجهاً إلى «العامة» فى بلد %40 من سكانه لا يفرقون بين الألف وكوز الدرة. والحق أن القضية أكبر من د. على وكتابه الجديد، فالرجل بالمناسبة هو أستاذ مساعد بقسم الفلسفة بآداب القاهرة، وصدرت له خمسة مؤلفات فى الفترة من 1993 حتى 2007. قضية مثقفين قد يكونون جادين، لكنهم استمرأوا التعالى على الناس، وانعزلوا فى أبراج عاجية، واعتصموا خلف أسوار حديدية من المصطلحات العجيبة التى تشبه فى غموضها وجرسها لغة الكائنات الفضائية فى أفلام الكارتون!
رحم الله د. طه حين يسيل رقة وبساطة وشاعرية وهو يتناول أعقد القضايا الفلسفية
الشائكة بيسر شديد، وهو القائل: «لغتنا العربية يسر لا عسر»، فاستحق يا خسارة أن يكون عميد الأدب العربى.








مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

الان وغدا .. الخطاب السياسي الاسلامي هو الاكثر قبولا

التعليق فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد رشيد

لا عجب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة