د. رضا عبد السلام

الواسطة.. متى تمحى من قاموسنا إلى الأبد!!

السبت، 25 فبراير 2012 09:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الواسطة.. ذلك السيف المسلول الذى سلطه المجرمون على رقاب الشرفاء، خلال العقود الغابرة. تلك الكلمة التى وأدت أحلام الملايين من العاشقين لمصر، ورفعت من شأن ملايين الفاسدين والماجنين، الذين عاثوا فى الأرض فساداً، فحطوا من شأن البلاد وأذلوا العباد، وجعلونا أضحوكة للحاضر والباد.

لقد كان الاستثناء فى مصر هو الأصل، وكان الأصل استثناءً، ولم تنج مؤسسة من مؤسسات الدولة من تلك الكارثة. ففى الجامعات، سعى الكثير من الأساتذة لتوريث الوظائف، وكأنها تركة تركها لهم الآباء يتصرفون فيها كيفما شاءوا.

وفى القضاء لم يختلف الوضع كما ذكرت فى مقال سابق، لدرجة أنه كان يتم الإعلان صراحة عن دفعة استثنائية، لتضم أبناء المستشارين والمحظوظين ممن فاتهم قطار الدفعة الأصلية، وكأن الدفعة الأصلية كانت نقية من شوائب الواسطة!! كما أن هناك وزارات بعينها كانت أشبه بالتكية والعزب الخاصة، مثل وزارات البترول والطيران والداخلية والخارجية...الخ.

لقد كانت وراثة الوظائف العامة عملاً ممنهجاً، ترتب عليه وأد الأمل والحلم لدى الباحثين عن طوق نجاة. فقد كُتب على ابن النجار أن يبقى نجاراً وابن الزبال أن يواصل رحلة أبيه، وتناسينا قول الحق تبارك وتعالى "وتلك الأيام نداولها بين الناس". نعم... من سنن الله فى كونه التغير والتقلب (كالليل والنهار والصيف والشتاء...الخ)، ولكن أن تتوقف بنا عجلة الزمن، فهذا ضد سنن الكون، ولهذا كانت الثورة على هذا الظلم الاجتماعى قدراً محتوماً، ونهاية منطقية لنظام فاسد أفسد كل شىء على أرض مصر.
أعتقد أننا كمصريين لم يعد هناك حائل يحول بيننا وبين بناء مصر نظيفة من الواسطة، وهذا لن يتحقق إلا من خلال اعتماد معايير موضوعية شفافة للتعيين فى مختلف الوظائف العامة. بهذه الطريقة سنضمن اشتعال المنافسة بين طلاب جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية لاقتناص الوظائف المتميزة، ومن ثم سينصلح حال تلك المؤسسات بعد أن تم تغذيتها بموظفين أكفاء وأسوياء!

ولهذا يبقى السؤال، هل سنتمكن من رفع هذه الكلمة القميئة من قاموسنا، أو على الأقل هل سنتمكن فى وضعها فى أضيق نطاق ممكن لنعيد إلى شباب مصر الأمل فى الغد؟! مؤكد أن الرحلة طويلة لأن النظام "المبارك" كان قد وصل بنا إلى أعماق سحيقة، ولكن علينا أن نبدأ. على كل مؤسسة من مؤسسات الدولة أن تشرع فى وضع توصيف وظيفي، يتضمن شروطاً موضوعية وشفافة ومعلنة لكل مستوى وظيفى. وأن يتم تطبيق جزاءات رادعة على كل من يثبت فى حقه الخروج على تلك الضوابط.

وأن تتطهر أجهزتنا الرقابية لأنها بأوضاعها الراهنة بحاجة إلى أجهزة رقابية، وإلا لن تتمكن من ممارسة مهامها على الوجه الأكمل.
وحتى نضمن القضاء المبرم على كافة صور المحسوبية، علينا أن نبادر بإلغاء كافة الاستثناءات، التى كان يتم منحها لفئات معينة أو لأبناء فئات معينة سواءً فى المواصلات العامة أو فى تملك الأراضى أو عضوية النوادى ... إلخ ينبغى أن تمحى تماماَ.

فلا ينبغى أن يكون هناك استثناءً لأحد من الآن فصاعداً، سواءً كان أستاذاً جامعياً أو قاضياً أو ضابطاً...إلخ. فتلك الاستثناءات تفتح أبوابا مظلمة للمحسوبية والتمييز دون أدنى مبرر. إذا ما تحقق هذا - وإن شاء الله سيتحقق بجهود المخلصين – سنضمن بناء مصر الجديدة على أرضية صلبة لا مكان فيها لمتغطرس أو متعجرف أو محدث نعمة. والله أعلم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة