حمدى الكنيسى

«الاحتكار.. انتحار!!»

الإثنين، 26 مارس 2012 04:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توقعت أن قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وقد أطلقت الثورة سراحهم «المادى والمعنوى» بعد سنوات طوال من الظلم والقهر التى عاشوها، سوف يعضون بالنواجذ على الفرصة التى جاءتهم على طبق من فضة وبعد انتظار طال أمده، وذلك بأن يثبتوا أنهم لديهم الرؤية والخبرة والذكاء بحيث يستثمرون مواقعهم البرلمانية والتنفيذية فى اكتساب ثقة الشعب الذى منحهم - بفضل الثورة - ثقته الغالية، وكذا اكتساب قبول العالم الخارجى الذى يتوجس دوماً من سيطرة التيار الدينى، وبهذا التوقع - أو التمنى - قلت - فى مقال سابق - إن تصريحات قيادات الحزب والجماعة اتسمت أحياناً بالذكاء لأنها خاطبت الرأى العام الداخلى والخارجى بما يطمئنه على أنهم مستوعبون تماماً لما يفرضه الواقع المحلى والدولى، ثم قلتها - بحماس - عندما قام المرشد العام الدكتور محمد بديع بزيارة للبابا شنودة الثالث «قبل رحيله بأيام قليلة» تأكيداً للحرص على وحدة النسيج الوطنى ورفضاً قاطعاً لأية مواقف وأحداث تشعل الفتنة الطائفية، وهكذا قلتها مرة أخرى إن ذكاء الجماعة يحسب لها لكننى أجدنى اليوم مجبراً على التحدث بلهجة أخرى ومنظور آخر، حيث أرى أن ذكاء الجماعة يتراجع فقد اهتزت وترنحت مصداقيتها عندما واصلت التخلى عن وعودها وتعهداتها قبل وعقب الانتخابات البرلمانية، ثم انزلقت إلى هوة التحدث بلغة «سيطرة الأغلبية» وكأنها تعيد إنتاج الحزب الوطنى، وتجلى ذلك فى خطوات وإجراءات تشكيل «الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور» سواء بالإصرار على رفع نسبة أعضاء البرلمان إلى نصف أعضاء الجمعية، أو بطريقة إجراء عملية التصويت على أسماء المرشحين لاختيار مائة عضو تأكيداً لهيمنة البرلمان على الدستور القادم وتوجيهه إلى حيث تريد الجماعة، مع التجاهل المتعالى لأصوات الكثيرين الرافضين لذلك والذين احتشدوا بالآلاف أمام قاعة الاجتماعات التى دارت فيها عملية التصويت، وكانوا جميعا يصرخون وينددون بما يحدث تحدياً سافراً للمجتمع وإصراراً على إقصاء «الشباب الذين فجروا الثورة التى تدين الجماعة لها بالفضل أولاً وأخيراً»، وإصرارا على الاستهانة بالقوى الليبرالية وغيرها، وقد أثبتت نتيجة الفرز التى أبرزت حصول «حزب الحرية والعدالة» وشقيقه «حزب النور» على الأغلبية المطلقة للجمعية أن داء «الاحتكار» قد أصاب التيار، والمثير للدهشة والأسى أن من حذروا من هذا الداء كانوا من بين صفوف الجماعة، فقد قالها - مثلاً - زعيم أغلبية حزب الحرية والعدالة: «إن الاحتكار انتحار!» فهل اقتربت الجماعة فعلاً من الانتحار؟ خاصة أن القضاء قد يرفض تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، بل قد يحكم بحل مجلسى الشعب والشورى لأسباب قانونية وإجرائية؟ والمؤكد أن الخطر يأتيها من داخلها ومن خارجها، فقد تعالت أصوات شبابها رفضاً لتوجهات مكتب الإرشاد ومواقف الحزب، بل إن هناك من أقطاب الجماعة السابقين والحاليين من أطلقوا ويطلقون التحذيرات بعد التحذيرات من المصير الذى تندفع إليه الجماعة، حتى أن «مختار نوح» حذر من ثورة ثانية تكون هذه المرة ضد الجماعة، وهذا ما قاله أيضاً بشكل أو بآخر «الدكتور كمال الهلباوى» و«القطب محمد حبيب».
والسؤال الآن: هل تثبت الجماعة أنها مازال لديها من الذكاء ما يجعلها تعيد النظر على الأقل فى آخر مشهد أثبت وجسد خطورة «الاحتكار» خاصة أن مصير الحزب الوطنى الذى مارس الاحتكار مسلحاً بقوة القهر والقمع مازال ماثلاً أمامها حتى أن الثورة لم تسقطه فقط بل أحرقت مقاره ومكاتبه التى مازال اللون الأسود يغطيها؟ ثم هل تدرك الجماعة أنه لا بديل عن الإسراع بتصحيح مسارها ومواقفها وآخرها ما حدث فى تشكيل الجمعية التأسيسية وتقول: «بيدى لا بيد القضاء» أو «بيدى لا بيد الثوار»، خاصة أن الخطر الداهم لا يهددها وحدها بل يهدد وطننا العزيز.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة