فوز المصرية كارمن سليمان فى برنامج لاكتشاف المواهب على قناة إم بى سى، كشف أننا شعب قوى. ليس بكارمن وإنما بفرحتنا بكارمن.
الشعوب القوية هى التى تختار لحظة غير منطقية، وتفاجئ الجميع أنها قادرة على الفرح. الشعوب القوية هى التى من بين ركام العتمة واليأس، تدهش العالم أنها تضع حزنها وخوفها على جانب الطريق، ولو لبعض وقت لتضحك وترقص وتقفز فى الهواء مثل الأطفال. وهذا حدث بالضبط عندما فازت كارمن سليمان فى برنامج متواضع. لكن ملامحها المصرية كانت حاضرة بقوة. وصوتها النقى الواضح الدافىء البسيط مثل تدفق خيط من النيل فى أرض خضراء. بات المصريون ليلة سعيدة، كما فى الليالى التى كان حسن شحاتة يهدينا كأس الأمم الأفريقية.
الفوز هنا ليس عظيما.. لكن له معنى أننا نبحث عن الفرحة والسعادة، ولو كان نقطة على هذا السطر. كل البيوت عطشى للسعادة، فقد غابت عن عمد حتى طغى اليأس. كارمن البنت المصرية الصغيرة التى تشبه زهرة قرنفل، تتعهد فى ليلة غاب فيها البنزين والسولار، واشتعلت فيها بورسعيد بنيران صديقة، وكانت تمثيلية المائة مستمرة بهزلية شديدة لاختيار لجنة كتابة دستور مصر، فجاءت البنت لتخطف بعض الحزن، وترده إحساسا بفوز أو انتصار.. وأنا سعيد بفوزها، وسعيد بسعادتها وسعادتنا بها. وليس عيبا أن نفرح، العيب ألا نفرح. وليس منطقيا أن نظل نذوب فى أحزاننا حتى الموت.
وسوف نفرح ليلة لنواصل عذابنا وقلقنا بنجاح، ونكمل الوقوف بشجاعة أمام الأخبار التى تخطت الحزن إلى الدهشة والصدمة. سوف نفرح ولو بمشهد النهاية السعيدة الذى قفز فيه الأب ليحتضن طفلته كارمن على خشبة المسرح فى لقطة تمنحنا الكثير من الأمنيات. سوف نفرح لأننا لابد أن نعيش. بلدى لن تعود إلى روايتها الأولى إلا حين نعود قادرين على الفرح بأشياء بسيطة تمر بنا. إذا لم نجدها.. اخترعناها، كما فى وصفة الحب التى كان ينصحنا بها نزار قبانى.
الحياة لابد أن تمضى هادئة إلى حيث يجب أن تذهب.. نضخ فى شرايينها الحياة.. يجب أن نجد السعادة تحت عتبات بيوتنا وأن نعيش. الشعوب التى لايهزمها زمن أو حاكم أو مستعمر أو خائن.. شعوب تعيش.. تبنى وهى تغنى، وتزيل الأشواك من جسدها وهى تضحك، وتخرج من عثرتها وهى تملك الأمل. لا يهمنى من يحكمنا.. يهمنى كيف نحكم أنفسنا. الشعب هو الحاكم الحقيقى. الشعب هو الذى يحكم. إذا تعلم سيحكم. إذا عمل سيحكم. إذا ضحك سيحكم. إذا نظف شارعه سيحكم. إذا احترم القانون سيحكم.
لكننا نبحث عن الحاكم الذى سوف نعلق على شماعته أو عليه كل يأسنا وكراهيتنا للحياة. الشعوب لا الحكام هى التى نجحت فى تغيير وطنها. اليابانيون كان شعارهم: إضحك وأنت تعمل.. والأتراك: حب وأنت تعمل.. والصينيون: تحرك وأنت تعمل. هؤلاء الشعوب لايعبدون الحاكم ولا أنفسهم.. إنما غايتهم الحياة.
فازت كارمن سليمان. فإذا كنت تريد أن تفرح لها أو بها أو لنفسك.. حقك، وإذا لم ترد، أو وجدت أنه ليس وقته، وأن هذا وقت المزيد من الحزن والهموم والإحباط.. برضه حقك. وحقك على وعليها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رنا ابوزيد
اشكرك
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
يا امة ضحكت من جهلها الامم
عدد الردود 0
بواسطة:
(ابداع) احمد محمود المالح
نجاح
عدد الردود 0
بواسطة:
marocain
لو فكرت قليلا لوجدت أن مصر أكبر مما كتبت!!
عدد الردود 0
بواسطة:
Osama7
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ محمد
إستغاثه
عدد الردود 0
بواسطة:
saeed
فرحنا
عدد الردود 0
بواسطة:
منال دياب
دموع الفرح
عدد الردود 0
بواسطة:
Belal ELsisi
الف مبروك لكارمن فرحنا بفوزك
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى مغترب
اخيرا فية خبر ايجابى