عصبية الإخوان!

أخطر ما فى الجدل الدائر حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ورفض القوى السياسية هيمنة الإسلاميين على صياغة الوثيقة الكبرى فى حياتنا، تلك الحساسية الشديدة لدى جماعة «الإخوان» تجاه النقد وعصبيتهم الزائدة عن الحد فى مواجهة الرأى الآخر! إذ تبدو رموز الجماعة وكأنها ترفع شعار بوش الأصغر «من ليس معنا، فهو علينا». أو كأنها تتبنى نظرية عمرو دياب «من يختلف معى، فهو «قابض» بالتأكيد من تامر حسنى»!
يجب أن ينضج قادة الجماعة ورموز «الحرية والعدالة» بما يكفى لأن يدركوا أن من يختلف معهم ليس بالضرورة علمانيا معاديا للمشروع الإسلامى أو ليبراليا مرتبطا بنجيب ساويرس، وإلا كُنا أمام حزب وطنى جديد، لكن بمكياج دينى هذه المرة.
«هناك مشكلة فى صناعة القرار لدى قيادة الجماعة، وتخبط فى المواقف، ورغبة فى الهيمنة على تأسيسية الدستور، لأن الهيمنة جزء من طبيعة النفس البشرية».. الحمد لله أن هذا النقد العنيف ليس من عند العبدلله، بل أطلقه د. كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى المخضرم، فى حوار تليفزيونى مؤخراً.. والشاهد فى هذا المثال أن الاعتراض على استحواذ البرلمان على نصف أعضاء لجنة المائة التى ستتولى وضع الدستور له مبرراته الوجيهة، التى ليس من بينها قطعاً أن الإخوان دمهم تقيل على المعترضين أو مبينزلوش من زور الرافضين! الفكرة ببساطة، أيها السادة، أن هناك تضارب مصالح بين عضو البرلمان وبين اللجنة التأسيسية سيؤثر سلباً على الدستور، وسيجعله مفصلاً على مقاس مصالح السادة البرلمانيين، وعلى سبيل المثال لا الحصر سيبقى الدستور على نسبة الـ«50% عمال وفلاحين» التى ينادى الجميع بإلغائها، لأن السيد العضو قد يكون هو نفسه جاء من خلالها، كما أن الدستور سيبقى على مجلس الشورى الذى تجاوزه الزمن، لأن أعضاء «الشورى» أنفسهم لن يكتبوا بأيديهم دستوراً يقول لهم: Game Over، وقد ينحاز الدستور إلى أن يكون نظام مصر السياسى برلمانياً وليس رئاسياً أو حتى مختلطاً، لأن هذا يصب فى مصلحة أعضاء البرلمان على طريقة: «زيتنا فى دقيقنا»! على الإخوان أن يراجعوا أنفسهم فى آلية عمل اللجنة التأسيسية وقواعد اختيارها، وأن يتحلوا برحابة الصدر ويبتعدوا عن العصبية والنرفزة عند مواجهة الرأى الآخر، كما عليهم أن يتذكروا مقولة الفاروق عمر: «رحم الله رجلاً أهدى إلىَّ عيوبى».