د. بليغ حمدى

صَنَادِيْقُ التَّخْوِيْنِ

السبت، 12 مايو 2012 10:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تزال التيارات والأحزاب والقوى الدينية التى بزغت على سطح المشهد السياسى فى مصر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير من العام الماضى مدينة إلى الديمقراطية ووسائطها المتعددة التى أوصلتهم بعناية ورفاهية نحو سدة البرلمان التشريعى، ولعل تلك الفصائل الدينية السياسية أن تكون دائمة الاعتراف فيما بينها بأن العلمانية وطرائقها هى التى أسهمت فى تمهيد وتعبيد طريقهم نحو مجلسى الشعب والشورى، حيث إن صندوق الاقتراع وهو فكرة مفادها علمانى محض هو اليد الطولى لوصولهم ومدهم السياسى الذى ينعمون به حالياً، وإن لم يكونوا قد قدموا أى أداء سياسى أو نهضوى يذكر حتى وقتنا الراهن.
وجدير بالذكر أن نعاود تذكير إخواننا من المنتمين لتلك التيارات أن صندوق الاقتراع هذا ليس فكرة أو اختراعاً إسلامياً أى ليس له وجود أو إرث سلفى فى تاريخنا الإسلامى الضارب فى القدم، ورغم ذلك لم تتوان هذه التيارات فى الهرولة نحوه بشغف تاركة وراءها أحداثاً أكثر وحشية وسخونة بشارعى محمد محمود ومجلس الوزراء رغم أن واقعهم التاريخى يفرض عليهم آنذاك أمرين؛ إما التدخل لإصلاح ذات البين بين الثوار والعسكر، أو المشاركة فى جهاد الثوار أنفسهم، لكنهم تخاذلوا عن الأمرين واستقلوا عربة العلمانية والديمقراطية التى ستقف حتماً أمام هذه الصناديق.
ولكن الأمر الذى دفعنى إلى استحضار ذكرى هذه الصناديق هو أنه منذ استبعاد مهندس الجماعة خيرت الشاطر والاستبعاد القانونى لحازم أبو إسماعيل رغم ما مارسه على مريدينه من استلاب سياسى لم يتحقق لمالكوم إكس أو مارتن لوثر، عادت نزعات الفزع من صناديق التزوير والتخوين من جديد، هذا الأمر جعلنى أؤكد أن منطق بعض الفصائل السياسية ذات التوجه الدينى فى مصر تمارس فعل السياسة بطريقة عبثية إن لم تتفق مع مطامحها ومصالحا الشخصية، فها هى ذاتها الصناديق التى جعلت من جماعة الإخوان المسلمين أغلبية مطلقة فى البرلمان، وربما فى كثير من هيئات ومصالح مصر المحروسة، وهى نفسها الصناديق التى عدها بعضهم غزوة إسلامية تعادل فتحاً كبيراً.
وبعد الاستبعاد القانونى للشاطر وأبو إسماعيل وجدنا تجدد اللعنات من جديد على رأس وجسد الديمقراطية، وتنهال عليها ليل نهار، وكم من مرة أقسمنا بأن صناديق الاقتراع لا تعرف ديناً أو هوية، فهى كامرأة العدالة معصوبة العينين، ولكن فى حالة الأحزاب الدينية لاسيما الإخوان فهم لا يعترفون بعدالة الصناديق ونزاهتها ما دامت تتعارض مع توجهاتهم ورؤاهم المستقبلية، والصندوق للأسف الشديد لهم لا يعى ما بداخله من أصوات فهو مجرد وسيلة علمانية مدنية تحفظ مجموعة من الأوراق فقط.
وأصبح الحديث الإعلامى لبعض التيارات الدينية السياسية الآن هو أننا سنفوز ما لم يتم العبث بالنتائج فى صناديق الاقتراع، وهم فى ذلك يدججون مشاعر مريدينهم نحو تخوين الصندوق. وعجيب لم يهرول دونما روية أو رؤية ذاتية تجاه هؤلاء، فمن يخون المواطن فإنما يمنحنا بطاقة سوء نية المرشح تجاهه، ومن ثم فهو يشكك فى نزاهة وعدالة المواطن المصرى سواء كان قاضياً أو مشرفاً على الصندوق أو مراقباً عاماً بإحدى اللجان الانتخابية، ومن باب أولى أن بعض هؤلاء المرشحين الذين يصرون على أنهم مرشحون إسلاميون رغم أن مصر كلها إسلامية، أن يمنحوا عملية الانتخاب تلك قدراً كبيراً من الثقة لأنهم خرجوا من دوائر الظل وأفخاخ المراقبة المستدامة إلى بؤر النور والضوء.
وحينما رأيت هذه الحملة المسعورة على صناديق التخوين قفزت فكرة فى رأسى مفادها ماذا لو أرحنا هؤلاء المتشككين والمشككين بجعل عملية الاقتراع من خلال صناديق انتخابية تعمل ببصمة اليد، وربما تطورنا سريعاً وجعلناها ببصمة العين، ربما سيستريح الجميع.








مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

Sobhy

ياستاذ بليغ

عدد الردود 0

بواسطة:

مصريه وافتخر

الي حضرة الفاهم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة