الفضائيات المصرية أبدعت فى تقليد كل برامج المسابقات الأجنبية وحولتها إلى مناظرات رئاسية، حتى أنى أشعر بأن الفائز لن يحصل على حكم مصر بل على «دبدوب» أو رحلة سياحية لفردين، وهذا قد يكون لبعضهم أفضل. على أى حال نحن فى مولد ديمقراطى حقيقى، يجب أن نفخر به ونحتفل لحين ظهور النتيجة واختفاء السيرك، والجلوس مع المنتظر فى العراء لنفهم هل هو أسد حقيقى أم أسد الحلو، وشتان بينهما، فالأول يحمى الغابة لطبيعته الفطرية وغريزته القتالية، أما الثانى فلا يجيد إلا النط التمثيلى فى حلقات النار والرقص على الحبل وتقبيل مدربه الحلو، وأحيانا التمسح على أقدامه؟؟.. لذلك علينا أن نقلق من المدربين أكثر من قلقنا من المرشحين.. ومن الطبيعى أن يحاول جمال مبارك الانتحار فى سجنه بعد أن اكتشف أن مدربه قضى عليه. فبعد أن شاهد لقاءات المرشحين ومناظراتهم وسمع برامجهم المنسوخة من فكر جديد، وفهم أن المعركة الانتخابية كلام فى كلام.. اكتشف أن فرصته فى المنافسة لم تكن محدودة كما أقنعه البعض وأنه لم يكن يحتاج إلى أبوه لحكم مصر بل يحتاج إلى «شوية بوسترات»، فالأمريكيون انتخبوا بوش الأب لحرب الخليج وانتخبوا ابنه الأغبى لغزو العراق.. لذلك كان جمال يصر على افتعال معركة مع الجزائر، فالحمقى يظنون أن البطولة فى افتعال المعارك ولا يفهمون أن البطولة الحقيقية فى توفير حياة كريمة للتسعين مليونا. وكنا نتعجب من إصرار النظام البائد على استغلال كرة القدم فى شحن الهمم، وكأنها مشروعات قومية، والآن تستغل فى السلاسل البشرية، فعليك أن ترشح أحدهم، لأن أبوتريكة وهادى خشبة راضين عليه.. ورغم تعجبى من المشهد فهذا حقهم والتجربة الأولى هى الأصعب فى كل شىء، فعلينا أن نعتاد ذلك..فالحرية ليست فقط فى أن تقول ما تريد بل هى أيضا أن تسمع ما لا تريد.. وعلينا أن نحترم كل ما نسمعه حتى لو كنا مقتنعين بأنه لا يستحق ذلك.. علينا أن نتدرب على الديمقراطية ونمارسها بشكل صحيح حتى نفهم أن المعارك الانتخابية إلى زوال كل أربع سنوات، وأننا شعب واحد طوال العمر، فلا داعى للتعصب الشديد لمرشح أو المزايدة عليه.. أفهم كل ذلك وأنقله إليكم رغم أن لعنة السخرية تطاردنى فى أغلب المواقف، فكلهم يغنون علينا بالثورة حينا والتقوى حينا والكرة حينا، وعزائى الوحيد أنى على مسافة واحدة من كل المرشحين المتفوقين. أنا للأسف أنتمى لأحد المرشحين «الخايبين» الذين يحملون الكثير من التغيير الغامض لمجتمع اعتاد على الاستقرار على ضفاف النيل ويكره الجبال ويقلق من اقتحام الصحراء ويعيش فى %4 من مساحة شقته الطبيعية، فكرته عن غزو الصحراء لا تزيد عن طريق مصر إسكندرية الصحراوى. مجتمع اعتاد على التضحية بكل حقوقه السياسية للحصول على أمن كاذب واستقرار فقير تحت خدعة حب وحنان الفرعون المقدس..نحن جميعا من الهواة «سياسيين وناخبين وكتاب وقارئين» ومن السذاجة أن نصدق أننا سنحقق طفرة فى اللعبة من المرة الأولى، ولكن ولنحمد الله على أننا وبعد 8000 سنة بدأنا نمشى.. «تاته حبة حبة تاته خطى العتبة».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة