د. رضا عبد السلام

مين فيكم سيدنا يوسف؟!

الثلاثاء، 22 مايو 2012 08:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تابعنا خلال الأيام الماضية، وفى أثناء ضراوة الحملة الانتخابية، حملات كشف المستور. فكل مرشح قلب فى الدفاتر القديمة للمرشح الآخر، بحثاً عن ثغرة لينفذ منها للنيل من منافسه. تجمعت الأسرار طوال الأشهر الماضية، ولم يتم الكشف عنها أو فضحها إلا عند الحاجة. بمعنى أنه لو لم يُقَدِم شفيق نفسه مرشحاً للرئاسة لما كشف سلطان المستور، ولما كشف موظفو مطار القاهرة المستور! أى أن العملية الانتخابية باتت هدفاً بحد ذاته، ولتذهب مصر، وليذهب شعبها وشبابها، بل ولتذهب الثورة وتطلعاتها إلى الجحيم!!.

رأينا السيد عمرو موسى، وهو رجل سياسة محنك، يوفر خبيئته، ويلقيها فى وجه أبو الفتوح فى سؤاله الأخير: عندما استعان بمقتطفات من كتاب لأبو الفتوح حول إمكانية مواجهة الطاغية بالقوة والسلاح!! وفى المقابل، باغته أبو الفتوح بتسجيل سابق: قال فيه موسى "بأنه لو ترشح مبارك للرئاسة سينتخبه"!! وعلى الجانب الآخر، لم ينج مرشح جماعة الإخوان الدكتور مرسى من تلك الخبايا، فهو الآخر - وكما طالعتنا الصحف- بدا مهادناً لنظام المخلوع، من خلال التربيطات والترتيبات الانتخابية التى سبقت قيام الثورة سواءَ مع أحمد عز أو زكريا عزمى، أو حتى مع فايزة أبو النجا، التى يسعون حالياً للإطاحة بها...إلخ!!.

ربما لم ينج – إلى الآن– من تلك السوابق إلا المرشح حمدين صباحى، فهو إما أنه كان ذكياً بما يكفى لمنع تسرب أى من سقطاته أو هفواته، أو أنه بالفعل لم ينطق عن الهوى!! أما المرشحون الآخرون فلم يكونوا موضعاً لاهتمام الباحثين عن الخبايا.

إذاً، واضح تماماً أن منطق الانتخابات فى مصر لم يختلف كثيراً عن المنطق السائد فى الديمقراطيات المتقدمة أو المتخلفة. فبمجرد طرح اسم للترشح، يتبارى المخبرون السريون للبحث عن الخبايا والسوابق، وما يمكن أن يؤخذ على المرشح لتشويه صورته فى أعين الناخبين!! وحتى عندما لم نجد دليلا أو سبة حقيقية اتهمنا مخالفينا بكونهم فلولا لمجرد أنهم قبلوا العمل وتحملوا مسئولية العمل فى خدمة مصر فى العهد البائد!!.

والآن دعونى أزيدكم من الشعر بيتاً... لقد امتدت حلقات التشكيك وطالت الجميع حتى بات الشعب يفقد ثقته فى كل من هم على الساحة، وأرجو أن يقدم لى أحد استثناءً فى هذا الخصوص! فهاهو عصام شرف - الذى حُمِل على الأعناق فى ميدان التحرير، إذا به يخرج من الوزارة مغضوباً عليه، وهاهو الجنزورى، الذى لم يستطع المخبرون العثور على زِلة له، تبادر الجماعة بالتشكيك فيه وتسعى لخلعه... وحتى الجيش المصرى- الذى حمى الثورة واحتمى بها- لم ينج هو الآخر من حملات التشكيك... من بقى إذاً لنثق فيه؟! لم يبق أمامنا سوى الاستعانة بحاكم أجنبى، تماماً كما نستعين بمدرب أو مدير أجنبى!!.

وربما يقول البعض، ولم لا، أليس من حق الشعب أن يحظى برئيس كامل مكمل. أليس من حق شعب مصر التيقن من ماضى رئيسه لضمان طهارة مستقبله وهو على سدة الحكم؟!.

الحقيقة الغائبة فى كل هذا الحوار، هو أن من حق الشعب أن يتأكد من أن من تقدم لرئاسة مصر ما بعد الثورة أهل لحمل الأمانة، ولكن أيضاً علينا ألا ننتظر ولادة المهدى المنتظر؟ علينا ألا نتوقع الكمال فى أى من المرشحين...علينا ألا نتوقع عدم الخضوع للهوى، فالأنبياء فقط هم المعصومون.

بل إن سيدنا يوسف عليه السلام، وما أدراك ما سيدنا يوسف، لجأ إلى المولى عز وجل لينقذه من الضغوط التى أحاطت به ومن حبال زليخة، قال تعالى فى سورة يوسف "وإلا تصرف عنى كيدهن أصبو إليهن وأكن من الجاهلين، فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن...". حتى الأنبياء، لولا معية الله وعصمته لهم لأهلكتهم الأخطاء. فما بالنا نحن الضعفاء من بنى البشر؟!.

بالطبع أنا لا أبرر الخطأ، ولكن استفزنى – كما استفز الملايين من أبناء مصر، أننا ورغم كوننا بلدا إسلاميا، يؤمن بأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، إلا أننا لم نغفر، بل ذهبنا لنفتش فى الماضى بحثاً عن سبة لنهدم الحاضر والمستقبل!! وبالتالى فشلنا – إلى الآن – فى تقديم نموذج ديمقراطى شريف نفاخر به الأمم!.

كنت أتمنى لديمقراطيتنا الوليدة أن تقدم مثلاً للبشرية، حيث سماحة الإسلام والمسيحية المصرية، بأن نبتعد عن تلك الصغائر، وألا نشتت فكر وموقف الناخب المصرى... الآن بعد شكنا فى كافة المرشحين تقريباً... فمن ننتخب؟! لقد انشغلنا بسقطات المرشحين على حساب برامجهم ومشروعاتهم المستقبلية لمصر!!

أعتقد أنه آن الأوان لأن نتوقف لحظة ونسأل أنفسنا...إلى أين نحن ذاهبون بعد أن شككنا فى كل قيمة على أرض مصر، فلم ينج البرادعى أو زويل أو الباز...إلخ، كما لم ينج أى مفكر أو تيار سياسى من الوقوع ضحية لتلك الحملات! انشغلنا جميعاً بتلك الحملات لنترك من خلفنا ضحية أكبر "وهى مصر"... فهل نتعلم من أخطائنا لنبدأ بحق رحلة بناء مصر الجديدة؟! لا يمكن لأمة أن تتقدم نحو المستقبل وهى تنظر إلى الخلف وتقف عند عثرات الماضى نعم ... نحن بحاجة إلى الماضى والتاريخ، ولكن من أجل بناء الحاضر والمستقبل. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة