لمصر.. لا لمحمد مرسى

مثل ضوء لاح فى نهاية النفق، سمعت لأول مرة كلمة «الدولة المدنية» ترد على لسان الدكتور محمد مرسى بعد أن ظل طويلاً يستبدلها بعبارة «دولة القانون والمؤسسات»! جاء ذلك فى إطار الكلمة التصالحية التى ألقاها بعد ظهور مؤشرات قوية على فوزه فى الانتخابات الرئاسية. أتمنى أن يكون ما ورد بالكلمة عن التوافق و«أنا رئيس من عارضنى قبل أن أكون رئيس من أيدنى» حقيقى ويعكس قناعة فعلية، كما أتمنى أن يكون ما ورد على لسانه أثناء الحملة الانتخابية من «الدوس» بالأحذية على أنصار المعسكر الآخر وإعادة الفتح الإسلامى لمصر وغيرها من إشارات مقلقة، مجرد تكتيكات دعائية قيلت على سبيل حشد الأصوات، باعتبار أن الكلام قبل الكرسى «موش عليه جمرك»!
أتمنى مخلصاً أن يُحسن الإخوان قراءة التغيرات الأخيرة فى اتجاهات التصويت، فقد منح كثيرون صوتهم لمرشح الحرية والعدالة وهم على خلاف جذرى مع المشروع السياسى للجماعة، وكان جل هدفهم الإطاحة برمز النظام السابق، على الجانب الآخر منح كثيرون أصواتهم لشفيق وهم لا ينسون مسؤوليته عن موقعة الجمل، وكان كل هدفهم التخلص من كابوس «الدولة الدينية» سواء كانوا مُحقين فى مخاوفهم أم مُبالغين.
فى كل الأحوال، المؤكد أن دكتور مرسى فشل فى انتزاع تفويض شعبى كاسح أو على الأقل أغلبية مريحة، وإذا كان صادقاً فى كلمته المرتجلة الموفقة فعليه أن ينتقل سريعاً من خانة «الأقوال» إلى خانة «الأفعال»!
طبعاً تشكيل حكومة ائتلافية موحدة لا تخضع لهيمنة الجماعة تأتى على رأس الخطوات الفعلية، فضلاً عن اختيار نواب للرئاسة من الأقباط والنساء «وستكون ضربة معلم لو كانت امرأة غير محجبة». لكن الأهم من وجهة نظرى المتواضعة أن «يرمى» الإخوان «بياضهم» فى الجمعية التأسيسية ويتنازلوا عن عدد من حصتهم المقررة بقهر الأكثرية البرلمانية لصالح ممثلى التيار المدنى حتى يأتى الدستور غير ملون بقناعات تيار واحد بعينه.
هل أبدو حالماً فيما أقول؟
ربما.. ولكن ما دامت ثمرة السلطة التنفيذية «رئاسة وحكومة» سقطت أو كادت فى يد الجماعة، فما الداعى للقتال من أجل الهيمنة على الدستور أو المنافسة على الأغلبية فى الانتخابات البرلمانية القادمة؟
أياً كانت اتجاهات الريح، فسنمد للرئيس الجديد يدنا جميعاً بمعارضة لا تخشى فى الحق لومة لائم...!