بالرغم من الظروف غير العادية والاستثنائية فى تاريخ الأمة وبكل المقاييس، والتى أحدثت هذا الاستقطاب السياسى والطائفى غير المسبوق، فى الوقت الذى كان يجب أن يكون التلاحم الشعبى والتوافق الوطنى فى أحسن حالاته بعد ثورة غير مسبوقة أسقطت مبارك وهزت وزلزلت أركان حكمه، ولكن التشتت والتشرذم بين القوى السياسية التى لا تبتغى سوى مصلحتها الخاصة، جلعتنا نتوه فى غمار مشاكل ما كان لها أن تكون، فتوقف مسار الثورة وكفر بها الكثيرون من الأغلبية الصامتة، فلم يبق غير صراع على السطة سواء كانت تشريعية أو تنفيذية بين المتصارعين الذين كانوا متوافقين، وغاب عن الجميع ذلك الخطر الدائم والمسمى بالتدخل الأجنبى فى شؤون الوطن.
فإذا كانت الأحداث المتلاحقة على مدار الساعة والتى تجعلنا لا نستطيع حتى التقاط الأنفاس قد أغفلتنا عن هذا الخطر، فهو قائم ودائم حيث إنه يعتمد على استراتيجية تتحول إلى خطط تكتيكية تتغير بتغير الأحداث وتتلون حسب المعطيات السياسية الداخلية، فالمصالح الاستراتيجية لأمريكا فى المنطقة بشكل عام وفى مصر بشكل خاص، تعتمد فى المقام الأول على تحقيق أهداف محددة أهمها ضمان سلامة الكيان الصهيونى فهو الحارس الأمين للمصالح الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة، أيضًا ضمان استمرارية الالتزام بخطة السلام المصرية الإسرائيلية والتى قد حجمت الدور المصرى العربى والإقليمى.. والأهم هو الحفاظ على المصالح الأمريكية فى مصر لما لها من أهمية خاصة ولذا فمن الطبيعى أن تتعامل أمريكا مع أى نظام وكل نظام يحكم مهما كان شكله أو لونه أو توجهه فالمصلحة الأمريكية نفعية لا تسعى لغير مصلحتها مهما كانت الإعلانات التى ترفعها ذراً للرماد فى العيون فمرة الدفاع عن الديمقراطية وأخرى الدفاع عن الأقليات الدينية، فلم تحتل العراق ويسحق الشعب الليبى وتحدث فتنة بين أبنائه إلا للمصلحة الأمريكية وهذا قد أكده باراك عند تدخل الناتو فى ليبيا بأن السبب هو المصلحة الأمريكية، ولذا فليس من المستغرب أن يكون هناك اتصال وتواصل ولقاءات على كل المستويات بين أمريكا وغيرها من الدول الأوروبية وبين الإخوان المسلمين، وتدخل أمريكا بتصريحات كلينتون وطلبها تسليم السلطة لمرسى هو فى المقام الأول لمصلحتها بعد التفاهمات التى رتبت كل الأوراق الأمريكية مع الإخوان، فما يربط الإخوان وأمريكا هو مبدأ النفعية وتغليب المصلحة الخاصة على أى مصلحة أخرى، أما الأمر غير المعلن فهو لماذا تقوم أمريكا بالتسهيل وبالموافقة بصورة أو بأخرى على وصول التيار الإسلامى إلى السلطة فى كثير من البلدان الإسلامية وبلاد الربيع العربى؟ فهذا موضوع يطول شرحه ولكن بعد مساعدة الأمريكان للأصولية الإسلامية فى هزيمة السوفيت فى أفغانستان، ظهرت الأصولية الإسلامية وانتشرت المنظمات الإرهابية التى أصبحت بديلا للسوفيت تعيق وضع الأمريكان عند اللزوم، فكانت نظرية هنتنجتون المسماة بصراع الأديان بهدف استبدال الصراع الدينى بالصراع الأيديولوجى، فأوروبا المسيحية الكاثوليكية الإنجيلية مع اليهود فى مواجهة الشرق الإسلامى الكونفوشى مع الأرثوذكس الشرقيين فالصراع الدينى هو عامل بل أقوى عوامل الاستفزاز والاستنفار فى مواجهة الآخر المختلف دينيًا، كما كانت ومازالت الخطة أن تصل التيارات الإسلامية إلى السلطة لخروجها من تحت الأرض ومراقبة تحركاتها ورصد أهدافها، حتى يتم التمكن من بداية هذا الصراع الدينى والثقافى والحضارى، والتدخل فى شؤون الأنظمة الإسلامية فى أى مكان فالأسباب والمبررات جاهزة، فهل نعى هذا؟ فثورة يناير قادمة من أجل الكرامة التى لا تقبل الاستبداد داخليا وخارجيًا والشعب لن يقبل تدخلا ولن يقبل علاقة غير العلاقة الندية مع أى من كان ولهذا فلابد أن تظل مصر لكل المصريين.
عدد الردود 0
بواسطة:
المواطن
مقال رائع من الأستاذ جمال أسعد كعادته فى مقالاته
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماء
UM with you
we lessa :))
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو احمد
قوتنا فى وحدتنا
عدد الردود 0
بواسطة:
هيما4000
امريكا والاخوان ايد واحدة لهدم مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
ناديه
لك الله يا مصر