د. رضا عبد السلام

وإن أخطأت فقومونى!

السبت، 14 يوليو 2012 11:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وقف خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صِدِيق الأمة أبى بكر رضى الله عنه، عقب مبايعته على الخلافة، وخطب فى الناس قائلاً "وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن قصرت فقوموني"، وكانت هذه أولى معانى الديمقراطية فى تاريخ البشرية جمعاء.

نحن هنا لا نتحدث عن أى شخص أو أى حاكم، بل نتحدث عن حبيب وصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى قال فيه المصطفى، ما من أحد كانت له يد إلا كافأناه بها، إلا أبا بكر أو فيما معنى الحديث، كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال إنه لو وضع إيمان أهل الأرض فى كفة وإيمان أبى بكر فى الكفة الأخرى، لرجحت كفة أبى بكر، ولمَ لا، فقد كان سباقاً إلى الخيرات وخادماً للناس، حتى بعد توليه الخلافة.

الشاهد هنا أن رئيس جمهوريتنا المنتخب الدكتور محمد مرسى، وقف فى الناس عقب إعلان فوزه، وقال تقريباً فى المصريين ما قاله خليفة رسول الله أبى بكر.. ولم تمض سوى أيام قلائل حتى وُضِعا الرئيس فى اختبار لهذه المقولة!

فكان رئيس الجمهورية قد هل علينا بقرار لاقى ردة فعل كبيرة بين مؤيد ومعارض، وأدخل البلاد من جديد فى دوامة من الاتهامات والانقسامات، بعد أن نجح نجاحاً مبهراً فى جمع الجميع حوله بخطاباته الرائعة.. مؤكداً أن السيد الرئيس بنى قراره على معطيات من مستشاريه، وبدت وجيهة بالنسبة له، فأقدم على إصدار القرار.. ولكن بعد يومين تقريباً من صدور هذا القرار بادرت المحكمة الدستورية العليا بإصدار حكم يوقف تنفيذ قرار السيد رئيس الجمهورية، لمبررات رأتها المحكمة الدستورية العليا وجيهة من وجهة نظرها.

توقع الكثيرون، وخاصة سيئى النية، دخول البلاد فى دوامة كبيرة من العنف، وتعددت التصورات بشأن ردة فعل رئيس الجمهورية.
مؤكداً أننا لم نعتد على رؤية أو معايشة الحاكم البشرى! فقد اعتدنا على اعتبار رئيس الجمهورية لا ينطق عن الهوى، ولهذا لم يحدث فى تاريخنا المعاصر أن أصدر رئيس الجمهورية قراراً ورجع فيه.. ولم يحدث أن عايشنا رئيساً يرضخ لإرادة شعبه، أو على الأقل يأتى على نفسه لمصلحة وطنه.. فالرئيس فوق الوطن وفوق الجميع!!
وفى المقابل، فاجأنا رئيس الجمهورية ببيانه الراقى، الذى أعلن فيه احترامه لأحكام القضاء، ومن ثم الإقرار ضمنياً بأنه لم يجانبه الصواب فى قراره بعودة مجلس الشعب للانعقاد، وأن الملاءمة تقتضى موقفاً آخر، فهذه هى السياسة.

يا سادة، أنا لا أنكر أن الرئيس بوضعه الراهن غير مكتمل الصلاحيات، وأنه حدث جور كبير على صلاحياته، وأن سوابق مؤسسات القضاء (خلال العهد البائد) هى من وضعت القضاء فى موضع الاتهام.. لا أنكر أن الرئيس بحاجة إلى مؤسسة تشريعية تعينه على إنجاز برنامجه، لا أنكر أن الإعلان المكمل كان بمثابة ضربة قاصمة وعقبة كأداء...إلخ.

ولكن الرئيس مرسى هو رئيس لجمهورية مصر الجديدة، وعلينا أن نرسى قواعد جديدة، وأن يكون رئيس الجمهورية هو القدوة والمثل.. فإن شاء الله، مع إخلاص النوايا، والذكاء فى إدارة مؤسسات الدولة وفى التعامل مع القضاء والمجلس العسكرى، سيتمكن رئيس الجمهورية من إنجاز رسالته دون أدنى تقصير.

فى الحقيقة، من حق الجميع أن يشعر بالطمأنينة.. من حق أفراد وقادة القوات المسلحة، الذين ضربوا أروع المثل فى نقل البلاد إلى رئيس منتخب، أن يشعروا بأن رئيس الجمهورية أتى ليحتضنهم ويدعمهم دعماً يعزز من قوة مصر العسكرية، لابد وأن يشعر جميع الشرفاء بأنهم شركاء فى الوطن.

لا يمكن أن ننطلق نحو المستقبل إلا إذا تخلصنا من منطق التخوين والتخويف.. علينا أن نتخلى تمامًا عن الأدوات والأساليب التى عكفنا على استخدامها خلال العهد البائد.. وعلى من يسمون بالنخبة، ومن يتنقلون بين فضائيات الدمار، الذين أغرقوا البلاد فى دوامة الشك، أن يقولوا خيراً أو ليصمتوا.

أعود هنا وأذكر بأننى كتبت على صفحات هذه الجريدة الغراء مقالاً، فوراً عقب إعلان الدكتور مرسى رئيساً لمصر، بأن الشرفاء من أبناء مصر سيكونون خلف الرئيس، ممن انتخبوه وممن لم ينتخبوه.. فإن أحسن سيعينوه، وإن لم يجانبه الصواب، لن ينافقوه، وإنما سيوجهون النقد البناء ومقترحات الإصلاح.

فأرجو من كل كاتب وصاحب رأى أو كلمة أن يتقى الله فى مصر وشعبها.. أرجو أن يكون الرأى خالصاً لوجه الله ولمصلحة مصر، سواء ممن صوتوا للرئيس أو العكس.. أرجو ألا نتصيد الأخطاء أو أن نكون حملة مباخر! فالرئيس أياً كان اسمه هو بشر، وليس نبياً.. فرئيس مصر الجديدة يصيب ويخطئ شأنه شأن رؤساء الدول المتحضرة.. لذا، علينا أن نتخلص من روث الماضي، وأن نأخذ بيده لبناء مصر، وأن نبقى له بالمرصاد من أجل مصر، لا من أجل هوى أو مصالح زائفة.. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة