خالد أبو بكر

الرئيس والمشير

الأربعاء، 18 يوليو 2012 08:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثير من القوى السياسية فى بدايات الثورة كانوا يدعون أن المجلس العسكرى لا ينتوى تسليم البلاد إلى رئيس مدنى منتخب، وعبر كثير من النشطاء عن تخوفاتهم من أن يبقى المجلس العسكرى هو الحاكم والممثل الفعلى للبلاد، رغم تأكيد الكثير من قادة الجيش أنهم ملتزمون بتسليم السلطة للرئيس المنتخب.
وخلال العملية الانتخابية تحدث كثيرون عن دور المجلس العسكرى فى انتخاب الرئيس القادم وهل تدخل من قريب أو بعيد فى اختيار المصريين لرئيسهم؟
الحقيقه المؤكدة الآن هى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أوفى بوعده وسلم السلطة إلى الرئيس الذى اختاره المصريون فى انتخابات حرة ونزيهة - على حد علمى - لكن لم يتلق المجلس العسكرى أى نوع من المدح ممن كانوا يظنون فيه ظن السوء وأنه طامع فى السلطة، ولم يأخذ حقه فى الثناء على أعضائه كونهم التزموا بما وعدوا.
وهذا لا يعنى إطلاقا أن كثيرين راضون عن حكم المجلس العسكرى لمصر طوال عام ونصف مضت، أبدا.. لكنى أعتقد أن أى مؤسسة أو أى شخص يصيب ويخطئ ولا يوجد من هو منزه عن الخطأ إلا رب العباد، ومعيار الخطأ يختلف من شخص إلى آخر ومن جهة إلى أخرى.
وعلى الرغم من تحمل ضباط وجنود القوات المسلحة المخلصين لمجهود فى الشارع المصرى يفوق طبيعة تدريباتهم، فإننى ومن وجهة نظرى - التى تقبل الاختلاف معها - أرى أن المجلس العسكرى خلال المرحله الانتقالية لم يكن موفقا فى التأسيس للدولة الجديدة، وأراد بإعلانات دستورية متخبطة، وبتحالفات ظاهرة وغير ظاهرة أن يحافظ على التوازن السياسى، لكنه فى نفس الوقت لم يستطع أن يقاوم شعبية جماعة الإخوان المسلمين التى أتت إلى الحكم بإرادة أغلبية الشعب، وإن كانت أغلبية بسيطة.
لكن السؤال: تفتكروا ما هى طبيعة العلاقه بين الرئيس محمد مرسى وبين المشير طنطاوى الآن؟
الإجابه من الناحية القانونية هى علاقة رئيس الدولة بوزير الدفاع يستطيع أن يوجه له أوامر ويجب على الأخير احترامها.
لكن قراءة الأمر الواقع تقول إن علاقة الرئيس بالمشير هى ليست كما ينص القانون، فالرئيس يرى عدم ارتياح للامتثال للإعلان الدستورى المكمل الذى يقضى بصلاحيات واسعة للمجلس العسكرى تنتقص من صلاحيات الرئيس، وأيضا أتخيل أن يكون الرئيس قلقا من إلغاء الإعلان الدستورى، وبالتالى الإقدام على بداية صدام مع المجلس العسكرى.
وظهر لنا فى الفترة الأخيرة بداية التعارض بين الرئاسة والجيش عندما قام رئيس الدولة بإلغاء قرار المشير الخاص بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، وهنا أصدر المجلس العسكرى بيانا علق فيه على هذا القرار، وعملية إصدار بيانات من قبل وزير الدفاع ومساعديه فى ظل وجود الرئيس هى بكل تأكيد خطأ، ولا أعلم إذا كان الرئيس قد تشاور مع المشير قبل أن يلغى قرار المجلس العسكرى، ولا أعلم أيضاً إذا كان المشير قد عاد إلى رئيسه قبل أن يصدر بيانات للشعب.. الاستنتاج المنطقى أننا أمام مؤسستين كل منهما تعمل وفق ما تراه.
لكن ما هى أهداف كل منهما؟
الرئيس، يريد أن يتمكن من جميع صلاحياته وهذه الصلاحيات لن تأتى إلا من خلال الدستور الجديد، وبالتالى فإن اختيار أعضاء لجنة وضع الدستور هو محل اهتمام الرئيس وليس من المنطقى أن يرضى بأن يشكل المجلس العسكرى تلك اللجنة وفقا للإعلان الدستورى حال الحكم ببطلان اللجنة القائمة حاليا - وهو التوقع المنتظر - وبالتالى فإذا صدر حكم القضاء الإدارى ببطلان تشكيل اللجنة الحالية سيكون الرئيس أمام أول اختبار حقيقى مع المجلس العسكرى لأنه مطلوب منه أن يحترم الإعلان الدستورى ويرضى بما جاء فيه وبالتالى يختار المجلس العسكرى أعضاء تلك اللجنة.
المشير، لا يريد أن تكون مصر بلدا للحزب الواحد مثلما كانت ولا يريد أيضا أن يخسر مكانة القوات المسلحة لدى المواطن المصرى، ولا يريد أن يكون الدستور القادم معبرا عن رأى الأغلبية الحاكمه الآن لاسيما وأن حصول مرسى على الأغلبية لم يكن بفارق كبير، وبينى وبينكم أكيد مش عايز أى حركات غدر وأسئلة بقى من نوع: عندك إيه؟ وجه منين؟ والكلام اللى حصل مع مبارك وبعض وزرائه.
لكن رغم اطمئنانى للمقصد العام للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فإنه لا يمكن أن يتصور أن يقوم وزير الدفاع بتنفيذ وجهة نظر أو حتى بإصدار بيانات دون الرجوع لرئيس الدولة، لأننا لو سلمنا بهذا المبدأ لأصبحنا أمام دولة عسكرية داخل الدولة الشرعية، طبعا الكلام ده أكيد مش هيعجب الناس اللى لم تنتخب محمد مرسى - بس الحقيقه لازم تقال - رئيس الدولة هو وحده الذى يقرر دون الرجوع لوزير الدفاع.
إذن هل من حق الرئيس أن يقوم بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل وإصدار إعلان دستورى جديد؟ الإجابة ليست قانونية، لأنه لا سوابق ولا قانون فى هذه الحالة، وإنما الإجابة سياسية، تعتمد على أدوات الرئيس وقدرته على تمرير هذا الإعلان الدستورى دون أن يكون لدى المجلس العسكرى طرق - قد لا نعلمها - تؤدى إلى عدم خروج مثل هذا الإعلان الدستورى المقترح.
إذن من يختار أعضاء التأسيسية إذا ما حكم بإلغاء اللجنة القائمة؟
الإجابة الشرعية التى لا يستطيع أحد انتقادها هى تمكين الشعب المصرى بنفسه من أن يختار من يمثلون نيابة عنه فى صياغة دستور بلاده، والانتخاب هو أرقى طرق تطبيق الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم، إذ لو أن الرئيس قرر دعوة المواطنين لانتخاب مائة مصرى يمثلون اللجنة التى ستضع الدستور يكون بذلك ألغى الإعلان الدستورى المكمل، ولكن بالشكل الذى لا يستطيع أحد أن يختلف معه عليه، لأن المواطن المصرى لم يختر أعضاء المجلس العسكرى ولم يوكلهم فى هذا العمل.
أتوقع أن يصدر إعلان دستورى جديد من الرئيس الحالى الشرعى ينص فيه على فتح باب الترشح لأى مواطن يرغب فى صياغة دستور بلده، على أن يتم اختيار مائة شخص ويكون لتلك اللجنة الحق فى الاستعانة بمن تراه من المتخصصين فى الصياغة القانونية والاستعانة بممثلين عن النقابات والتوجهات الفكرية داخل المجتمع بشرط أن يقتصر حق التصويت على الأعضاء المنتخبين.
وهذا ما كان يجب عمله من المجلس العسكرى عندما كنا ننادى بالدستور أولا ولم يستمع لا الإخوان ولا المجلس العسكرى. الآن عدنا لنفس النقطة ولكن بعد أن دفع المصريون تكلفة انتخابات برلمانية قضى عليها بأحكام القضاء.
لكن أكيد فى ناس هتقول إن لعبة الانتخابات فى مصر يسيطر عليها التيار الإسلامى السياسى، وده ممكن يؤدى إلى حصول حزبى الحرية والعدالة والنور على أغلبية الأعضاء؟؟ حاجة غريبة، هم الناس بتوع الحرية والعدالة والنور من السويد؟؟ ما هم مصريين ولاد مصريين.
طبعا توجههم لا يعجب كثيرا من المصريين، لكن لا أستطيع أن أنكر حقهم فى الوصول للمناصب بالانتخاب.
بس الموضوع فى كتابة الدستور مختلف، يعنى إيه؟ يعنى الأغلبية الحالية قد لا تكون هى الأغلبية القادمة وبالتالى وضع مواد لدستور ثابت ينظم شكل الدولة المصرية فى ظل أغلبيه معينة قد لا يتماشى حال تغير تلك الأغلبية مستقبلا، دى حاجة تحير؟؟ طيب والحل.
الحل هو أن ترضى الأغلبية بفكرة المشاركة لا المغالبة، وأقترح أن يتم اختيار 50 عضوا من الشعب أيا ما كان توجههم، على أن يقوموا باختيار 50 آخرين يراعون فيهم جميع التوجهات والانتماءات ويكون للجميع حق التصويت، وبالتالى نكون قد جمعنا فيما بين الانتخاب الشرعى وما بين تمثيل جميع فئات المجتمع من أجل كتابة دستور لمصر يبقى ولا يتم التعديل عليه من آن لآخر.
ده مجرد اقتراح ممكن يعجب بعض الناس وممكن لا، لكن نفسنا نشوف كلمة النهاية.. هرمنا بدرى، عايزين رئيس محدد الصلاحيات، قضاء مستقل، حكومة نشيطة تعلم احتياجات المواطنين وتشعر بآلامهم، وبالمرة ماتنسوش الناس اللى ماتت اللى يحكى أنهم قاموا بثورة وبعدين اتسحبت منهم ولما نور عنين بعضهم راح فضلوا يقولوا «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».. فاكرين؟؟؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة