فى مقالى السابق طرحت سؤالا وهو: الانفلات الإعلامى .. كيف نواجهه مع الحفاظ على حرية الإعلام؟ وفى محاولتى الإجابة على هذا السؤال قدمت ملخصا لما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المفوضية الفيدرالية للاتصالات، وفى هذا المقال أقدم ملخصا للتجربة الأوروبية فى هذا الشأن وكيف واجهت دول الاتحاد الأوروبى بعض مظاهر الانفلات الإعلامى؟
والتجربة الأوروبية تعتمد على 3 وثائق صدرت على التوالى فى أعوام 1989و1997و2005 وحملت الأولتان منها عنوان " تليفزيون بلا حدود " ثم تطور العنوان إلى تنسيق الأنشطة السمعية – البصرية، و أن القصد من إطلاق صفة التوجيهات على هذه الوثائق هو الابتعاد عن فكرة القواعد القانونية الصارمة، باعتبار أن القسم الأكبر من الإنتاج التليفزيونى يقع فى دائرة رمادية يصعب معها عمليا ً تقرير ما إذا كان المحتوى يمثل خروجا على القانون من عدمه، فضلًا عن الخشية من أن يعنى وضع قانون أو تشريع للتنظيم التام للعمل الإعلامى التليفزيونى فرضا لرقابة أو إنشاء لآلية رقابية، ولهذا يلاحظ أن هذه التوجيهات تصدر عن البرلمان الأوروبى ومجلس أوروبا معًا ثم تعتمدها المفوضية الأوروبية.
ويتضمن النموذج الأوروبى فى هذا الشأن خمسة مبادئ:
(أ) مبدأ السيادة الوطنية على الإعلام الداخلى : بمعنى حق كل دولة من الدول أعضاء الاتحاد الأوروبى فرض ما تراه من قوانين ولوائح تسرى على مؤسسات الإعلام التى تعمل على أراضيها.
(ب) مبدأ ولاية دولة المنشأ : باعتبار أن هذا المبدأ يوفر الضمان القانونى لمزودى الخدمات الإعلامية ومشغليها كما يضمن فى نفس الوقت لمستقبل الخدمة وجود جهة يحتكم إليها وإضافة إلى ذلك، فإن هذا المبدأ يعنى أن الحق فى التعامل القانونى مع أية حالة خروج على هذه التوجيهات أو مع شكاوى من الجمهور إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك أ كان الخروج متكرراً أو جسيما ً إلى الدرجة التى تستلزم اللجوء إلى إجراء قضائى يؤول إلى الدولة عضو الاتحاد التى تقع على أراضيها مقار الإدارة المركزية للمحطة التليفزيونية أو مقارها الإدارية التى تصدر منها القرارات الخاصة بالبرمجة والإنتاج.
(ج) مبدأ حرية استقبال البث التليفزيونى
(د) مبدأ حرية إعادة البث
(هـ) مبدأ حق الدول فرادى فى وضع معايير أو قواعد أكثر تشددا ً : من معايير وضوابط الاتحاد الأوروبى على أن يقتصر إنفاذ مثل هذه المعايير والضوابط على أراضى الدولة التى تتبناها.
وتولى التوجيهات الأوروبية اهتماما واضحا وكبيرًا بمسألتى حماية الطفل والقاصر وحماية كرامة الإنسان، فإنها تشير إلى أن هذا الاهتمام لا يعنى بالضرورة فرض رقابة مسبقة على محتوى الخدمات السمعية – البصرية.
وهناك ضوابط ضد الإغراق الإعلامى، حيث نصت التوجيهات الأوروبية المحدثة على حق أى من الدول أعضاء الاتحاد الأوروبى فى مباشرة ما تراه من إجراءات مناسبة ضد أية مؤسسة سمعية – بصرية تبث برامجها من أراضى دولة أخرى من دول الاتحاد ويكون كل بثها أو معظمه يستهدف الدولة الأولى وعلى نحو ينطوى على غش أو إساءة استخدام لشروط العمل وتحدد التوجيهات " الإجراءات المناسبة " على النحو التالى :
الأولى بإخطار الدولة الثانية لإتخاذ الإجراءات اللازمة
- فى حال إحجام الدولة الثانية عن إتخاذ الإجراءات المناسبة تقوم الدولة الأولى بإخطار المفوضية الأوروبية مع إبلاغ الدولة الأولى بنيتها فى ذلك
- قيام المفوضية الأوروبية فى مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بتحديد ما إذا كانت الواقعة محل الشكوى تشكل فعلا ً خرقا ً لقوانين المفوضية "لاحظ ان هذا النموذج يشابه الى حد كبير نموذج الجزيرة مباشر مصر"
وحددت التشريعات الأوروبية ضوابط إذاعة الإعلانات التجارية بشكل تفصيلى وأبرز خصائصها :
- ألا يقل الفاصل الزمنى بين كل فقرتين إعلانيتين عن 35 ( خمس وثلاثين ) دقيقة فى أثناء عرض الأفلام والأعمال السينمائية وبرامج الأطفال والبرامج الإخبارية
- ضرورة التنويه الصريح عن المادة الإعلانية وفصلها عن المادة البرامجية فصلا ً واضحا ً بصريا ً أو سمعيا ً بإستثناء حالة البرامج الرياضية
- حظر إذاعة الإعلانات التجارية أو المواد التسوقية فى أثناء إذاعة الشعائر الدينية .
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كلام من الاخر
رجال الثورة