قطب العربى

التعليم فى خطر

الإثنين، 07 يناير 2013 05:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين تكررت هزائم الطلاب الأمريكيين أمام نظرائهم اليابانيين والكوريين مطلع الثمانينيات شكلت الإدارة لجنة عليا لدراسة واقع التعليم الأمريكى، وأصدرت اللجنة تقريرها الشهير «أمة فى خطر» عام 1983، والذى كشف علات التعليم، ووضع لها العلاج المناسب، والناظر لحال التعليم فى مصر لا يسعه إلا أن يصرخ أيضاً «أمتنا فى خطر» وهل هناك من خطر أكبر من تخرج الطالب من المرحلة الإعدادية وحتى الثانوية دون أن يجيد القراءة والكتابة؟!.

أسعدنى أن القائمين على وزارة التربية والتعليم الآن وعلى رأسهم الوزير الدكتور إبراهيم غنيم يدركون هذا الواقع المر، وأنهم يتحركون لعلاج هذه الكارثة القومية، رغم أن الوقت قد لايسعفهم بحكم التغييرات المتتالية للوزراء فى هذه المرحلة الانتقالية، وقد طرحت الوزارة مشروعا قوميا للقرائية «تعليم المهارات الأساسية للقراءة والكتابة» بحيث يتم التركيز على هذه المهارات فى الصفوف الثلاثة الأولى للتعليم الابتدائى، لقد تحولت مدراسنا إلى حقول تجارب خلال الحقب الماضية، وتم تحميل التلاميذ الصغار بما لا يحتملون من مفردات تعليمية وكتب وكراسات، كما تم إرهاقهم بمناهج لا قبل لهم بها من لغات إنجليزية وفرنسية وهم لما يتعلموا العربية والحساب بعد، وكانت النتيجة أنهم لم يتقنوا هذا ولا ذاك، وظل الكثيرون ينتقلون أوتوماتيكيا إلى الصفوف التالية، وإلى المراحل التعليمية التالية من الابتدائى إلى الإعدادى فالثانوى دون أن يكونوا قد أتقنوا اللغة العربية ومبادئ الحساب.
سيقدم الوزير غنيم وزملاؤه فى الوزارة خدمة جليلة لوطنهم ولشعبهم -خصوصا فى الأقاليم والقرى- إن هم نجحوا فعلا فى تطبيق مشروع القرائية بحيث لا يصل التلميذ إلى الصف الرابع إلا بعد إتقان القراءة ومبادئ الحساب، وسيقدمون خدمة أخرى إذا نجحوا فى تنفيذ المشروع القومى لمنع تسرب التلاميذ، الذى يتضمن قيام الوزارة بحصر أسماء الأطفال الذين أتموا سن السادسة وتسجيلهم فى المدارس الحكومية القريبة من محل سكنهم أوتوماتيكيا دون حاجة لتقديم أوراق من الأسرة، وفى حال رغبت الأسرة فى إلحاق طفلها بمدرسة خاصة، أو نقله للتعليم فى الخارج فعليها أن تتوجه إلى المدرسة الحكومية لاستلام شهادة الميلاد منها وإبلاغ الإدارة بالمدرسة المنقول إليها.
التعليم المصرى فى خطر، هذه حقيقة، وعلينا جميعا أن نتحرك للإنقاذ حفاظا على سمعة نظامنا التعليمى الذى كان أحد أهم مفاخرنا، وحفاظا على ثروتنا البشرية، لا يصح أبدا أن نرى فصولا تضم أكثر من مائة طالب، أو فصولا بلا مدرسين، أو مدارس بلا دورات مياه، أو حتى بلا ملاعب أو معامل، ثم نقف مكتوفى الأيدى، بطبيعة الحال تقع المسؤولية الأولى على الدولة التى ينبغى أن تخصص للتعليم قدرا أكبر من الميزانية، ولكن هناك دورا أيضاً على المجتمع المدنى فى دعم العملية التعليمية، هناك أحزاب وجمعيات ورجال أعمال كثيرون يستطيعون المساهمة فى عمليات التطوير وتغطية النقص فى المقاعد والأجهزة، وإصلاح المدارس وحتى دورات المياه، وقد أسعدتنى مبادرة جمعية مصر الخير لبناء مائة مدرسة خلال سنتين، كما أسعدتنى مبادرة حزب الحرية والعدالة «التعليم أساس النهضة» والتى استهدفت أيضا مواجهة التسرب عبر خلق بيئة مدرسية جاذبة من خلال صيانة النوافذ والأبواب ودورات المياه، وتوفير المقاعد والسبورات، وتوزيع الحقائب والأدوات المدرسية على غير القادرين، ورعاية الموهوبين، وحث رجال الأعمال والموسرين على بناء مدارس جديدة، ودعم التعليم الفنى، وأتمنى أن تنجح خطة الوزارة لطرح ألف مدرسة على رجال الأعمال تحت رعاية رئيس الجمهورية، على أن تكون كل مدرسة باسم المتبرع تكريما له وتخليدا لذكراه، كما أتمنى أن يجد مشروع المليون تختة دعما مناسبا من المجتمع المدنى.
إنقاذ التعليم ليس فقط بتحسين البيئة المدرسية، أو منع التسرب، ولكن أيضا باختيار المناهج الملائمة القابلة للهضم، وتنمية المعلمين وتقديرهم ماليا بحيث تصبح هذه الوظيفة جاذبة للكفاءات لا أشباه المتعلمين، ساعتها فقط ستعود للتعليم المصرى قيمته، وللمدرس هيبته، وللطفل رغبته فى الذهاب إلى المدرسة، وسينتقل هؤلاء التلاميذ إلى المراحل العليا أكثر فهما واستعدادا لتلقى المزيد من العلوم، وسيتخرج بعد ذلك من جامعاتنا العلماء والمخترعون الذين يضعون جامعاتهم فى مصاف الجامعات الأولى عالميا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة