أختتم تناول كتاب «اليوم السابع - الحرب المنسية - حرب الاستنزاف» للكاتب الراحل محمود عوض، الذى استمر طوال الأسبوع الماضى، لما يشمله هذا الكتاب من معلومات هامة وتحليلات عميقة لهذه الحرب التى كانت بمثابة الإعداد الحقيقى لحرب أكتوبر وانتصارنا فيها، وأراد البعض إدخال حرب الاستنزاف إلى دائرة الإهمال الذى يمهد لنسيانها، وكان لهذا الهدف أسباب كثيرة يتعلق بعضها بأنها الحرب التى قادها جمال عبدالناصر، وكل الحلف الذى يناصبه العداء، تواطأ ضد هذه الحرب بنسيانها بل إن هناك من شكك فى نتائجها.
فى الكتاب ترى كم كانت الفرحة لدى قادة إسرائيل حين قبلت مصر مبادرة روجرز، التى أدت إلى وقف إطلاق النار، قال أبا إيبان وزير خارجية إسرائيل: «إن نشرات الأخبار لن تبدأ بعد الآن بالصوت الحزين لمذيع الراديو وهو يخبرنا بأسماء الشباب الإسرائيلى الذى سقطوا فى المعركة، إن ما حصدته الحرب من الأرواح والمعدات الثمينة جعل الحرب مكلفة بالنسبة لنا»، وقال إسحق رابين السفير الإسرائيلى وقتها فى واشنطن ورئيس وزراء إسرائيل فيما بعد: «الناس فى إسرائيل تنهدوا جميعاً فى نفس اللحظة إحساساً بالفرح»، وقال حاييم هيرتزوغ رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية وقتها: «لم تكن بالنسبة لإسرائيل سهلة من حيث القتلى، ببراويز سوداء تظهر يومياً فى الصحف الإسرائيلية حول صور الجنود والضباط الذين سقطوا قتلى فى اليوم السابق، لقد كانت بالضرورة حرب أعصاب، وبالنسبة للرأى العام الإسرائيلى الذى اعتاد على نتائج سريعة وسهلة فى الحروب مع الغرب، فإن الموقف الذى خلقته الحرب المصرية لم يكن فيه ما يساعد روح الإسرائيليين المعنوية».
هذا على الجانب الإسرائيلى، أما على الجانب المصرى فقد كانت هذه الحرب، وكما قلت هى اليوم الافتتاحى لأيام حرب أكتوبر 1973، ولهذا سماها محمود عوض «اليوم السابع» استكمالاً لأيام حرب أكتوبر الست.
حرب الاستنزاف هى الحرب التى حددت الخطوة القادمة لتحرير الأرض، وترجمت شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، هى الحرب التى شهدت خطة العبور «جرانيت»، ويقول عنها محمود عوض فى هذا الكتاب: «عقد جمال عبدالناصر اجتماعات مع محمد فوزى وزير الحربية لمناقشة الخطة «جرانيت» التى تقضى فى مرحلتها الأولى بعبور قناة السويس والتقدم شرقاً فى سيناء للاستيلاء على المضايق على مسافة 40 إلى 50 كيلومترا من قناة السويس، حيث تمثل تلك المضايق نقطة التحكم الاستراتيجية فى سيناء كلها.
وطبقاً لما هو مقرر فى الخطة، فإن هذا الهجوم العسكرى المصرى الشامل سيتم تنفيذه فى مارس أو إبريل 1971، تحت حماية حائط الصواريخ الجديد فى جزئه الأكبر، ثم ما أسماه عبدالناصر: «تعادل جوى محلى» فى المنطقة من القناة إلى المضايق، وعلى الرغم من القيود الدولية التى ارتبطت بها صفقة طائرات الميراج الفرنسية إلى ليبيا إلا أنه كان من المفهوم استخدامها كوسيلة ردع وكان عدد الطائرات 44.
خطط عبدالناصر أيضاً للمعركة الكبرى بعقد اتفاق سرى مع سوريا فى سنة 1969 لتنسيق العمل العسكرى بين الجبهتين المصرية والسورية حينما تحين لحظة المعركة الكبرى معركة تحرير الأرض.