أنجز عزازى رسالة الماجستير عن الصعاليك فى الأدب العربى، بعد تخرجه من كلية الآداب قسم اللغة العربية جامعة الزقازيق فى آواخر سبعينيات القرن الماضى، وحين جاء إلى القاهرة فى منتصف الثمانينيات ليشق طريقه فى العاصمة «النداهة» لكل الموهوبين من أبناء قرى مصر، كان أسيرا لموضوع هذه الرسالة، وفى ليالى القاهرة كان يبدو وكأن البحث فى حياة وأشعار هؤلاء الصعاليك الأوائل ترك بصماته على شخصه ولكن بطبعة حديثة، وظل فى ذلك أبويا فى تعاملاته لمن يصغره حتى بيوم واحد.
بعد سنوات أنجز عزازى رسالة الدكتوراة، وبالرغم من هذا لم يدق باب مؤسسة رسمية من أجل البحث عن وظيفة بالرغم مما يحمله من مؤهلات، وظل هكذا سنوات طويلة، وبين حلمه فى أن يشق طريقه إلى مجال النقد الأدبى عملا بدراسته العلمية وذائقته الأدبية الرفيعة، وبين العمل السياسى والنضالى الذى كان يلتهم كل وقته، خسرناه كناقد أدبى رفيع كان يمكنه أن يكون سندا لأجيال أدبية جديدة، غير أن انصرافه للعمل السياسى والنضالى ظل مجاله الذى يرى من خلاله ويراه الآخرون أنه يعوضه عن حلمه الشخصى فى مجال الأدب، وفى السياسة والنضال لم يتخلف عن الركب فى معارضة نظام مبارك واستبداده، وكما قلت فى مقالى أمس ظل يلف ويدور قرى ونجوع مصر يشارك فى المؤتمرات والندوات، والمجالس الضيقة من أجل التبشير بالثورة التى لم يتزعزع إيمانه بأنها قادمة لا محال.
قد لا يعرف الكثيرون أن عزازى له محاولات شعرية قليلة، وأذكر أن له قصيدة غناها الصديق الفنان الموهوب أحمد إسماعيل على عوده فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى، وهو فى مجال الشعر كان شأنه شأن آخرين ممن بدأوا حياتهم فى مجال الكلمة بكتابة الشعر والقصة القصيرة ثم هاجروها إلى ميادين أخرى، وأذكر من هؤلاء صديقنا المشترك الدكتور عبد الحليم قنديل الذى كان شاعرا موهوبا أثناء دراسته للطب فى جامعة المنصورة فى السبعينيات من القرن الماضى، وجاء إلى القاهرة لينشر شعره فاجتذبته الصحافة التى تغلبت هى ونضاله على الشعر فهجره إلى غير رجعة، ومن هؤلاء الكاتب الباحث المتألق الدكتور محمد السيد سعيد رحمه الله الذى كان يكتب القصة القصيرة، وكما قال لى، حين قرر أن يكون باحثا ودارسا للعلوم السياسية، إنه جمع كل محاولاته فى كتابة القصة القصيرة وأشعل النار فيها حتى لا يعود إلى كتابتها مرة أخرى، إيمانا منه بأن هناك من هو أفضل منه فيها، وأنه يعد نفسه لأن يكون باحثا متميزا وقد كان.
بين دراسة الأدب، وتسخير معظم وقته للسياسة والنضال مضى عزازى فى طريقه، مؤمنا بأن من خير الأعمال أن تقول كلمة حق وتمضى، فربما تثقب فى الجدار ثغرة لأجيال قادمة، وأن تعين محتاجا وتمضى فربما تقع يوما فى مثل هذه الشدائد، وهو ما حدث معه فى مرضه الأخير فحين اكتشفه ارتكن إلى رحمة ربه، وبقى مبهجا كعادته، إن تقابله لا تشعر أنك أمام إنسان يحمل مرضا خطيرا، ولأنه فعل الكثير من أجل غيره، توجه الكل بالدعوات إلى رب العباد من أجل شفائه، برنا يرجعك بالسلامة يا عزازى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر دايما ولاده بالخير
عزازى نموذج صريح لأبناء الريف فى عصره - مزيج من الصلابه و الكبرياء و الشهامه و المبادىء
عدد الردود 0
بواسطة:
hassan aly
الرجل المناضل
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر
أصيل والله يا أستاذ سعيد ..
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
ربنا يشفيه ويرجعه لينا بالسلامه - ادعوا جميعا له بالشفاء العاجل
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
أنا ضد الأسد
وبدأ الأسد يأكل أعوانه
عدد الردود 0
بواسطة:
سقراط يسأل و يتسائل
5 - كم مؤسسة دخلت بيت الطاعة أيها الأسد ؟