قطب العربى

سلمية بـ«المولوتوف»

الإثنين، 04 فبراير 2013 05:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تميزت ثورة 25 يناير منذ أيامها الأولى بالسلمية، كان الثوار يرفعون عقيرتهم بهتاف سلمية سلمية كلما حاول بعض المتظاهرين تخريب بعض المنشآت أو الاشتباك مع رجال الشرطة، وكلما زاد عنف الشرطة ضدهم، وكان هذا الهتاف كفيلاً بتخفيف التوتر، ورد المعتدى، ووقف العدوان فى أحيان كثيرة، وظلت الثورة محافظة على طابعها السلمى فى كل مليونياتها اللاحقة حتى أحداث محمد محمود التى تخلى فيها بعض المتظاهرين عن روح السلمية، وأصروا على الاشتباك مع رجال الشرطة ومحاولة الوصول إلى مقر وزارة الداخلية ولم يكن ذلك بالأمر السهل، بل كان دونه أرتال من قوات الأمن المستعدة للتضحية بكل شىء دفاعا عن المقر، ولذلك سقط عشرات الشهداء والمصابين من المتظاهرين وقوات الشرطة.

ومع الاستعداد للاستفتاء على الدستور فى نوفمبر الماضى تجددت المظاهرات، ووجد المتربصون بالثورة فرصتهم الذهبية للانحراف بهذه المظاهرات نحو العنف، وبلغ هذا العنف مداه فى أحادث الاتحادية، التى شهدت محاولات لاقتحام قصر الرئاسة وقذفه بالأحجار، والاشتباك بين المتظاهرين المناوئين للرئيس والمناصرين له، وراح ضحية تلك الأحداث عشرة شهداء بينهم ثمانية ينتمون لجماعة الإخوان وبينهم الزميل الصحفى الحسينى أبوضيف رحم الله الجميع. كان المولوتوف هو العنصر المشترك فى الكثير من المظاهرات التى دعت لها القوى المدنية خلال الشهور الماضية، وأصبحت تلك المظاهرات سلمية بطعم المولوتوف، صارت قنابل المولوتوف كعلب السجائر مع بعض المتظاهرين الذين راحوا يفتخرون بقدرتهم على توفير كميات كبيرة منها فى أوقات قياسية، والوصفة سهلة كما قال قائلهم: «ولاعتك فى جيبك جركن البنزين فى إيدك على مقر الإخوان عدل.. اللى يقولك دول بتوع ربنا قوله وإحنا هنبعتهم لربنا»، ولم تتأخر استجابة الشباب الطائش، فسارعوا لحرق مقار جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وبعض المقار الحكومية، سواء أقسام شرطة أو مجالس محلية أو مدارس، ولم تسلم من ذلك المساجد والمستشفيات، بل وصل المولوتوف إلى مقار بعض الأحزاب المدنية، وأخيراً وصل إلى القصر الجمهورى لأول مرة فى تاريخه، وتكرر ذلك مرات. المشكلة أن ثوار المولوتوف يعملون تحت غطاء سياسى من قوى مدنية تنبذ العنف فى حواراتها الإعلامية، وتصدر بذلك بيانات رسمية، لكنها فى الوقت ذاته تدافع ولو بطريقة غير مباشرة عن رماة المولوتوف على المنشآت العامة والخاصة، وإذا تمكنت أجهزة الأمن من القبض على بعضهم تقوم الدنيا ولا تقعد، وتصفهم الآلة الإعلامية والسياسية المدنية بأنهم شباب أطهار، وأنهم طليعة الثوار. ثوار المولوتوف هم طينة مختلفة عن ثوار يناير، هم جماعات من البلطجية الذين يحركهم أصحاب المصلحة فى إسقاط مرسى خصوصاً من قوى الثورة المضادة وفول النظام السابق، وقد وجد ثوار المولوتوف مدداً جديداً فى هذه الميليشيات السوادء «بلاك بلوك» التى تفوقت عليهم بحمل السلاح النارى، وراحت تتنقل من مكان إلى آخر لنشر الرعب وممارسة القتل والتخريب والحرق والسرقة، وحسنا فعل النائب العام بإصدار قرار بالقبض على من ينتمى لهذه المجموعات الإرهابية، وهنا لا يفوتنى أن أوكد رفضى المطلق لدعوات بعض القوى الإسلامية بتشكيل ميليشيات بيضاء تواجه تلك السوداء «وايت بلوك» فكل هذه الميليشيات - أسودها وأبيضها - خروج على الشرعية والقانون، وكل من ينتمى إليها يستحق أشد العقاب. تسبب ثوار المولوتوف فى تشويه صورة الثورة المجيدة والثوار الحقيقيين، وتسببوا فى سقوط العديد من القتلى والمصابين، ولم تتخذ القوى المدنية الحاضنة لهم موقفا قويا لوقف هذه الاعتداءات، باستثناء انسحاب أحد أجنحة حركة 6 إبريل من مظاهرات الاتحادية الأخيرة، وصدور بيان من جبهة الإنقاذ تتبرأ فيه من هذه الأعمال، لكن الطامة الكبرى كانت فى إعلان قيادات جبهة الإنقاذ وعلى رأسهم حمدين صباحى سحب توقيعاتهم من وثيقة الأزهر لنبذ العنف، لقد كانت موافقة تلك القوى على الوثيقة إعلانا عمليا منهم لرفض العنف والتخريب والقتل، وكان المأمول أن تترجم هذه الوثيقة إلى إجراءات عملية لكبح الميليشيات المسلحة، وسحب المولوتوف من أيادى الشباب والمراهقين، ولكن أولئك القادة رضخوا فى النهاية لثوار المولوتوف، وتراجعوا عن توقيعاتهم ليعطوا غطاء جديدا للميليشيات والمولوتوف.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة