قطب العربى

غضب مشروع وحوار حتمى

الخميس، 28 مارس 2013 06:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلم أن مخزوناً ضخماً من الغضب يعتمل فى صدور شباب الإخوان والقوى الإسلامية الأخرى بسب تطاول بلطجية ونشطاء سياسيين عليهم وعلى قادتهم، وصل إلى حد إشعال النار فى أحدهم، ناهيك عن محاصرتهم فى بعض المساجد، سواء فى المقطم أو المحلة أو الإسكندرية، ومطاردتهم بالمطاوى والسيوف والمولوتوف وحتى السلاح النارى، ومصدر الغضب تحديداً هو منع قيادات الإخوان لشبابهم من الرد بحجة عدم الاستجابة لاستفزازات الخصوم الذين يريدون إشعال حرب أهلية فى مصر بعد فشلهم فى المنازلة السياسية الحرة، وأعلم أن الشباب الإسلامى يعانى صراعاً نفسياً عميقاً بين الالتزام بقرارات قياداته وتوجيهاتهم، وبين الرد السريع والقوى على استفزازات البلطجية والثورجية الجدد، ولكن الشباب سيطروا على غضبهم فهم يدركون أن الشديد من يملك نفسه عند الغضب، وهم يدركون أيضا ان دعاة العنف والفتنة ليس لديهم ما يخسرونه، ولذلك هم يسعون لنشر الفوضى والانفلات وحتى الحرب الأهلية بدافع الانتقام أو ربما بدافع الحفاظ على تدفق الشيكات التى نقلت الكثيرين من مصاف الفقراء والصعاليك إلى مليونيرات تركوا المناطق الشعبية إلى "كومبوندات" الأثرياء.

الغضب لا يقتصر على شباب الإخوان والتيار الإسلامى، بل إنه يشمل فئات كثيرة من الشعب ولا نبالغ إذا قلنا غالبية الشعب المصرى التى ترفض استمرار حالة البلطجة والعنف وقطع الطرق، وقطع الأرزاق، و"وقف الحال"، وكل هذه الفئات تطالب الرئيس باتخاذ مواقف وقرارات حاسمة تنهى هذه الحالة التى طالت واستطالت، وأضرت بالبلاد والعباد، ولا تقتصر هذه المطالبات على الفئات التى انتخبت الرئيس مرسى، بل تتعداها لغيرهم ممن لم ينتخبوه، لكنهم متضررون من استمرار الفوصى ويريدون من رئيسهم الحزم، ولذلك فحينما أرعد الرئيس مرسى ببعض التهديدات يوم الأحد الماضى لرؤوس الفتنة فإنما هو منفذ للمطالب الشعبية التى صكت أذنه، وطاردته من مكان إلى آخر أينما ذهب.

نحن لا نسعد بطبيعة الحال باللجوء إلى إجراءات استثنائية، كما هدد الرئيس، ونتمنى الاكتفاء بالإجراءات القانونية العادية ليس خوفا من عدم القدرة على تنفيذ الاجراءات الاستثنائية كما يردد الخصوم مستدلين بخرق الطوارئ فى مدن القناة، فالمؤكد أن الرئيس - وبعد تلك التجربة - لن يطلق تهديدًا إلا إذا كان متأكداً من القدرة على تنفيذه، ولكننا لانريد الإجراءات الاستثنائية، ببساطة لأنها استثنائية وقد عانينا كثيراً من الإجراءات الاستثنائية من قبل ولا نريد لها العودة مرة أخرى بعد الثورة.

أما قرارات الضبط والإحضار التى أصدرتها النيابة العامة بحق عدد من السياسيين والنشطاء والبلطجية سواء فى القاهرة أو المحافظات فهى نتيجة بلاغات قدمها بعض المحامين والمضارين، متضمنة أدلة اتهام، ومن واجب النيابة العامة التحقيق فى هذه البلاغات، وإحالة من توفرت أدلة وقرائن على اتهامه إلى المحاكم المختصة ليأخذ القانون مجراه، وليطبق على الجميع بلا استثناء، لافرق بين زعيم سياسى أو ناشط مبتدئ، أو حتى مسئول كبير.

يقول البعض، إن هذه البلاغات وأوامر الضبط والإحضار هى مجرد انتقام سياسى من زعماء شاركوا فى الثورة أو كانوا من قادتها، وأنهم كانوا يستحقون التكريم وليس الملاحقة، والحقيقة أن المشاركة فى الثورة أو حتى قيادتها لا تعطى صاحبها صكاً بمخالفة القانون ونشر البلطجة والانفلات، ومن يفعل ذلك فهو خارج على الثورة نفسها ومبادئها السلمية مهما كان اسمه أو سنه.

العنف لا يولد إلا عنفًا، والقتل لا يترك إلا ثأراً، والدم المصرى عزيز وغالٍ، وإذا كان العنف والقتل وقطع الطرق لم يحقق للبعض النتيجة المرجوة ولن يأتى بها مهما طال الزمن، أو زادت الجرعة، فإن الحل العملى هو الحوار الحر بدون شروط مسبقة، وبدون محظورات، والمهم هو توفر النوايا الصادقة للوصول الى حلول تنقذ الوطن وتدفع المسيرة قدما إلى الأمام.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة