قطب العربى

مؤهلات الوزير وحجة البليد

الخميس، 09 مايو 2013 05:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ها هو التغيير الوزارى الذى طالب به الكثيرون قد تم، يبدو أن التغيير فى حد ذاته أصبح مطلبا بغض النظر عن الاحتياج الحقيقى له، كلما حدثت أزمة أو حالة اختناق سياسى يسارع البعض لطلب التغيير، شخصيا لم أجد مبررا للتغيير الوزارى، خاصة أن الباقى من الزمن أقل من خمسة أشهر، تأتى بعدها انتخابات لمجلس النواب، وتتغير التركيبة النيابية، ليشكل الحزب صاحب الأكثرية البرلمانية حكومة جديدة سواء بشكل منفرد (إذا كان حاصلا على أغلبية بسيطة) أو بالتحالف مع آخرين إذا لم يحقق هذه الأغلبية، من هنا كنت أرى منح الوزراء فرصتهم حتى نهاية هذه المدة، والاكتفاء فقط بتغيير من قدموا استقالاتهم مثل وزراء العدل والشئون القانونية والثقافة، لكن الرغبة الشديدة فى التغيير الواسع دفعت الدكتور هشام قنديل لتعيين 9 وزراء مرة واحدة.

لم يرض التغيير المطالبين به، وهذا أمر متوقع تماما، ذلك أن التغيير الذى كان يريده البعض استهدف بالأساس الوزراء النشطين وعلى رأسهم باسم عودة بهدف حرمان الرئيس وحزبه من هذه العناصر التى ترى جبهة الإنقاذ أنها تضيف لرصيد الحرية والعدالة والإخوان فى الشارع، وهذا ما سينعكس على الانتخابات المقبلة، وكأن المطلوب أن يقدم الإخوان وزراء فاشلون حتى ترضى الجبهة وإن غضب الشارع!!!

على طريقة من لم يجد للورد عيبا، أو حجة البليد الذى يتجنب عيوبه باحثا فى عيوب غيره ادعى متحدثو الإنقاذ وغيرهم أن بعض الوزراء الجدد لا يمتلكون خبرات مهنية للحقائب التى تولوها، )رغم أن معظمهم أصحاب خبرات علمية وعملية واسعة) وكان الاتهام موجها بالأساس ضد الدكتور عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولى، ويحى حامد وزير الاستثمار، الوجهين الإخوانيين البارزين فى التغييرات الجديدة، والحقيقة أن هذا الاتهام يخفى خلفه خوفا من هذين الوزيرين الذين يمتلكان رؤية واضحة وهمة عالية، وهما الشرطين الضروريين لنجاح أى وزير أو مسئول كبير، فمنصب الوزير أو المحافظ هو منصب سياسى بالأساس يحتاج لصاحب رؤية وصاحب همة أكثر من احتياجه لصاحب مؤهلات علمية أو خبرات عملية، وحسنا لو اجتمعا، ونذكر فى هذا المقام أن الراحل فؤاد باشا سراج الدين وهو واحد من أنجح وأشهر وزراء داخلية مصر لم يكن ضابط شرطة، كما نذكر بأن وزيرة الدفاع الفرنسية السابقة (من 7 مايو 2002- 18 مايو 2007) ميشيل إليو مارى لم تكن ضابط جيش، بل خريجة كلية الحقوق ،وقد تولت قبل وزارة الدفاع عدة حقائب وزارية وهى الخارجية (14 نوفمبر2010 وحتى 27 فبراير 2011)والعدل (23 يونيو 2009-13 نوفمبر2010) والشباب والرياضة ( 9 مارس1993- 18 مايو 1995) وحتى وارة الداخلية (18 مايو 2007-23 يونيو 2009).

لن نذهب بعيدا عبر التاريخ أو الجغرافيا، بل دعونا نرقب وزراء يعملون بيننا الآن، فها هو الوزير باسم عودة وزير التموين يحقق نجاحات كبيرة علما أنه ليس خريج كلية التجارة أو الزراعة، بل هو أستاذ بكلية الهندسة، كما أنه لم يعمل من قبل فى وزارة التموين، كما أن وزير الشباب النشط جدا الدكتور أسامة ياسين ليس خريج كلية التربية الرياضية، ولم يكن مديرا لمركز شباب، أو جمعية كشافة، بل هو طبيب لكن كلا منهما يمتلك رؤية سياسية اكتسباها من العمل العام سواء أثناء فترة دراستهما الجامعية ومشاركتهما فى الأنشطة الطلابية أو بعد تخرجهما ومشاركتهما فى الحياة العامة من خلال الجماعة أو الحزب اللذين ينتميان إليهما، وقد سجلا نجاحات فى هذه الخدمة العامة من قبل، وها هما يحققان المزيد من النجاحات فى عملهما الوزارى، وأتوقع أن ينافسهما فى الهمة والنشاط الوزيران الجديدان عمرو دراج ويحيى حامد.

لا يفوتنى أن أشير بمناسبة التعديل الوزارى إلى الفاضل صلاح عبد المقصود وزير الإعلام الذى كان هدفا للمتربصين وأدعياء الثورة الجدد والفلول خلال الأيام الماضية، وكانوا يسعون لتحقيق نصر سريع بإبعاده عن الوزارة وقد كبرت أحلامهم بعد مطالبة جبهة الضمير بإقالته مع أحمد مكى وزير العدل، وإن كان سبب هذه المطالبة يتعلق بعدم قيامه بالتطهير الواسع فى وزارته، وحسنا فعل الدكتور هشام قنديل بالإبقاء عليه حتى يكمل برنامجه الإصلاحى الذى بدأه منذ تولى المنصب وقطع فيه شوطا لا بأس به خصوصا فى مجالى الإصلاح المالى والإدارى، وإن كان الإصلاح السياسى والبرامجى يسير بخطى وئيدة بسبب المقاومة الشرسة لفلول الدولة العميقة، لكنه على كل حال يتحرك قدما، وسيأخذ دفعة كبرى باستمرار الوزير فى منصبه، ونصيحتى للمتربصين بالوزير أن يثوبوا إلى رشدهم ويفيقوا من أوهامهم، ويتعاملوا مع الواقع حتى تسير القافلة إلى الأمام.

قد تستمر الزوبعة ضد التغيير الوزارى بضعة أيام، لكنها ستنتهى يوما، وستتحرك مصر نحو الاستقرار المنشود، وسينعم شعبها حتما بثمار ثورته وتضحياته ولو كره الكارهون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة