د. رضا عبد السلام

30/6.. بداية أم نهاية.. ولمن؟!

الأحد، 16 يونيو 2013 10:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعول الكثيرون على ما سيحدث يوم 30/6 القادم، فالبعض يراه يوماً فاصلاً لمصلحة التيار المدنى، ومِن ثَم هو يوم نهاية التيارات المتمسحة بالدين "على حد وصفهم"، وفى المقابل يرى البعض الأخر، وتحديداً الأخوة فى التيارات الدينية بقيادة الإخوان المسلمين بأن يوم 30/6 سيكون يوماً يخزى فيه الله الليبراليون والعلمانيون ومن انضموا إليهم!!

هكذا وصل بنا الحال.. معسكر مدنى ومعسكر دينى، يبحث كل منهما عن تحقيق مصالحه وطموحاته، وغابت مصر وشعبها ومصيرها، بل مصير العالم العربى بأثره عن بؤرة الاهتمام!!

أنا واحد ممن وقعوا على استمارة تمرد، وكان مقصدى من التوقيع هو أن أرسل برسالة لمن هو بالسلطة أننى غير راضٍ عن أدائكم، ورافض لسياساتكم وأطالبكم بإصلاح فورى والاستماع إلى صوت الشارع العادى، لا إلى ما يمليه القابعون فى المقطم وغيره.

كان حلمى هو أن يصل عدد الموقعين إلى 15 مليوناً، وبالتالى نحرك المياه الراكدة ونوقظ الناس ونعيد إليهم الأمل ونحرك حزب الكنبة كما يقولون، وبالتالى يدرك من هو على كرسى الحكم بأن شعب مصر لم يمت، وأنه بالمرصاد لأى حاكم يخرج عن المسار الصحيح!! أردنا أن نوصل رسالة للعالم - وللعرب تحديداً - بأن ثورة مصر لم تمت، وأنها ترسل برسالة من خلال تلك الحملة (تمرد) إلى الباحثين عن الحرية، بأن يواصلوا رحلتهم نحو الحرية، وألا يعتصرهم الملل أو الخوف من المجهول!!

هكذا كنت أفكر وأنا أوقع على استمارة تمرد، لأننى بحق أدركت وأيقنت – وبمسئولية تامة أمام الله – بأن حكام مصر الجدد غير مؤهلين لقيادة دولة بحجم مصر، ولكن لازلت مصراً على أنهم شأنهم شأن أى فصيل كان من حقهم أن يقدموا أنفسهم وأن يقدموا ما لديهم، أما وإنهم قد عجزوا عن قيادة سفينة الوطن، فبيننا وبينهم صندوق الانتخاب الذى ارتضيناه حكماً بيننا وبينهم.

الآن، وبعد بلغت الحرب الكلامية ذروتها، حاول كل طرف استغلال المشهد لصالحة، فالبعض، وخاصة من بقايا النظام السابق، الذين هم فى بحث دؤوب عن طوق نجاة، وجدوا فى حركة تمرد ضالتهم المنشودة فتمسحوا بها، ودشنوا الفضائيات ودعموها وعكفوا ليل نهار على استخدام خطاب التصعيد، حتى وصلنا الآن إلى مرحلة شديدة الخطورة.

فتجمع 30/6، حسب فهمهم ليس هدفه توصيل رسالة بطريقة سلمية للقابع فى القصر، ولكن هدفه إسقاط النظام وإخراج الحاكم الذى أتى عبر انتخابات ارتضيناها سبيلاً.

على الجانب الآخر، رأى أنصار التيار الدينى أنه فى حالة التجاوز وتخطى حدود التظاهر السلمى، وأى محاولة لدخول القصر ستكون بمثابة إعلان حرب، وعند الحرب يكون القرار "أكون أو لا أكون"، خاصة وأن الإخوان أحرقوا كافة مراكبهم، ولم يعد لديهم شىء ليبكوا عليه. فهى حرب من أجل البقاء!!

السؤال هنا، والذى ربما يطرحه الكثيرون، ألم يأت مرسى عبر صناديق الانتخاب؟ الإجابة.. نعم، إذا..السؤال التالى: إذا ما ترتب على تمرد 30/6 القضاء على مرسى، من سيضمن بقاء حاكما منتخبا لمصر فى المستقبل؟ وبالتالى كيف نضمن الاستقرار لهذا البلد؟ هذا سؤال مهم وجوهرى ومضلِل من يتجاهله.

فى رأيى أننا منقادون نحو مصير لا يعلمه إلا الله، وهو نتاج لتطرف وتمادى كافة الأطراف. فقد أثبتت الأيام أنه لم يكن أياً منهما جديرا بحمل الأمانة. فالمنافسة لم تكن شريفة سواءً من قبل الحاكم أو المعارض. فكل منهما مشغول بالكرسى اللعين، وإلا لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه.

ما أتمناه أن تخرج الأصوات الوسطية والمعتدلة، والتى لا تحسب على هذا الطرف أو ذاك، على الإخوان ومن يناصرهم أن يدركوا أنهم فشلوا فى مهمتهم، ولا يمكنهم التذرع بالمشكلات أو الصعوبات، لأنه لو كان المخرب أقوى منهم فهذا يعنى أنهم ليسوا أهلاً للقيادة، وما أزمة البنزين المستعرة إلا مثالاً على ذلك.

على الجانب الآخر، أرجو ممن تبقى من ثوار مصر، وأصحاب القلوب النقية، التى لم تلوثها السياسة أو التحزبات خلال العامين الماضيين أن يتحسسوا خطواتهم، وأن يدركوا أن هناك لصوص يصطادون فى الماء العكر ويتاجرون بكل شىء، وأقصد هنا رموز نظام مبارك وأبواقه فى الفضائيات ومقبلى الأيادى وماسحى الأحذية!! هؤلاء يهللون ويطبلون ليوم 30/6 ببساطة لأن مصر لاتعنيهم بعد أن خسروا مجدهم وعزهم.

فالعاقل عليه أن يدرك أن مصر العظيمة لا يمكن اختزالها فى جماعة الإخوان أو غيرها. مصر أكبر وأطهر وأبقى من الجميع.

ما أتمناه ليوم 30/6 أن يمر بسلام على مصر. أن يخرج فيه الناس معبرين عن غضبهم وسخطهم وتقييمهم للنظام، حتى تصل الرسالة للمصريين وللنظام. ما أخشاه أن يتحول اليوم إلى يوم دامي، يروح ضحيته الأبرياء من شبابنا، الذين هم دائماً وقوداً لمؤامرات المتآمرين والفاسدين.

أرجو أن تصل رسالتى هذه إلى كل شباب مصر، "خذوا حذركم، أوصلوا رسالتكم، أيقظوا هذا الشعب وحركوا مياهه. ولكن إياكم والعنف أو الداعين له. أبعدوهم وتجنبوهم وانبذوهم. عبروا عن رسالتكم – وأنا معكم – بكل تحضر مثلما عبرتم بها فى مختلف ميادين مصر خلال الثورة العظيمة".

وعلى الجانب الآخر أقول لنافخى الكير، من المتمسحين بالإسلام ومن نصبوا من أنفسهم متحدثاً بلسان الإسلام والإسلام منهم ومن أفعالهم براء، أقول لكم، كفاكم وعودوا إلى ما كنتم عليه، انشغلوا بدعوة الناس، وأبعدوا هذا الدين العظيم عن هذا المعترك غير النظيف، وتأكدوا أن شعب مصر هو أكثر شعوب الآرض تديناً.

توقفوا عن لغة التصعيد أو التهديد والوعيد، وتذكروا أن هناك شباب تأخذه الحمية، وربما يرتكب أفعالاً لا ترضى الله ورسوله. صدقونى.. أنتم لا تختلفون قيد أنملة عن من توجهون إليهم سهام النقد. فالكل متطرف وغابت الرؤية الوسطية المعتدلة. ولذا إذا كنتم حقاً تبغون الخير لهذا البلد ولديننا العظيم، اختفوا عن المشهد وأريحونا. أريحو مصر وشعبها من فضلكم، لأن الشعب ضج بالألم ولم يعد قادر على التحمل، وإياكم وغضبة الشعب.

أسأل المولى عز وجل، الذى مكننا من التخلص من نظام فاسد متجبر، أن يعيننا على كل من تاجر بثورتنا، وأن يُمَكِن لشرفاء هذه الأمة من حمل لواء قيادتها، بما يضمن الرفعة والعزة والكرامة لهذا الشعب، وبما يمكن لرؤيتنا الإسلامية المعتدلة، التى أتى بها أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، لتصل رسالة رب العالمين إلى العالمين فى مشارق الأرض ومغاربها. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة