اقتحم عدد من شباب قرية «الدراكسة» بالدقهلية مقر جماعة الإخوان المسلمين، بعد الانتهاء من الجنازة العسكرية المهيبة، لشهيد الشرطة المقدم أحمد أبوالعينين الذى استشهد بمديرية أمن سيناء بعد قيام إرهابيين بإطلاق النار عليه فى أحد الكمائن، دمر الشباب محتويات المقر، أما الجنازة التى شارك فيها الآلاف فرددت هتافات عدائية للإرهابيين ولحكم جماعة الإخوان.
تكررت مثل هذه الجنازات فى الأيام الأخيرة، وتطابقت جميعها فيما يتعلق بالحشود الكبيرة التى تسير خلف نعوش الشهداء، وترديد الهتافات المعادية للإخوان، وغياب قيادات التيارات الإسلامية عن الجنازات ومراسم العزاء خوفا من التعرض لهم، وهذا الفعل تحديداً يشير إلى أى مدى تحول الأمر من خلاف فى الرؤى السياسية إلى كره تعمق فى النفوس.
مع حالات الاستشهاد التى تتكرر كل يوم وما تحدثه من غضب شعبى، هناك إصابات تقع لجنود أثناء تأدية خدمتهم، وبعودة هؤلاء إلى ديارهم يتم إضافة رصيد آخر إلى الغضب الشعبى، أضف إلى ذلك أن حجم المضبوطات اليومية من أسلحة وذخائر وخرطوش ومفرقعات التى يتم ضبطها بحوزة إخوان وجماعة إسلامية وتكفيريين، تعطى صورة متناقضة لكل ما قيل من هؤلاء عن السلمية ونبذ العنف، تعيد للمصريين ذاكرة أيام دماء ضحايا الإرهاب منذ مقتل الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981.
الصورة على هذا النحو تحدثنا على نحو أننا أمام واقع شعبى يناوئ جماعة الإخوان وقوى الإسلام السياسى المتحالفة معها، ولم تتأسس هذه المناوأة على تعبئة إعلامية، أو تحريض على كراهية، وإنما على ممارسات حقيقية من الجماعة وحلفائها، أعطت فى النهاية زاداً كبيراً لمشاعر الغضب ضدها .
فى الأسبوع الماضى، وقبل بدء شهر رمضان بيوم واحد، سارت مظاهرة لـ«الجماعة» مؤيدة لمرسى، قوام المظاهرة كان نحو ألف، سارت فى شارع البطل أحمد عبدالعزيز متجهة إلى شارع جامعة الدول العربية، هتفت المظاهرون ضد الجيش، طالبوا بعودة مرسى، دقوا الطبول، ساروا طوابير بعرض أربعة أشخاص للطابور حتى تبدو المظاهرة طويلة مما يعطى انطباعا بكثرة العدد، واللافت أن المظاهرة مضت طريقها دون نقص أو زيادة، لم ينضم إليها أحد، لم تتزين لها البلكونات بالأعلام، كان المشهد على العكس تماما من مشهد يوم 30 يونيو، ونقيضاً لكل مشاهد المظاهرات التى قامت ضد مرسى والإخوان، فى هذه المظاهرات ترى أفواجا من البشر، قد تبدأ المظاهرة بمئات أو آلاف قليلة، وبعد فترة قليلة تتحول إلى جموع حاشدة، فى يوم 30 يونيو مثلاً، شهد نفس الشارع نحو 6 مظاهرات، كانت كل واحدة قوامها عشرات الآلاف.
لماذا ينصرف الناس عن مظاهرات الجماعة؟، لماذا لا يتحمس أحد إلى شعارات عودة مرسى؟، لماذا لا تلقى مددا من الشارع؟، دعونا من كلام عصام العريان «الفشنك» على تويتر: «ملايين المصريين أعلنوا موقفهم، وعلا صوتهم عالياً مدوياً»، كتب عصام ذلك بعد انتهاء مظاهرات واعتصامات أمس الأول الجمعة، التى لم يشارك فيها ملايين ولا يحزنون، وهذا دليل على أن إجابة جماعة الإخوان على أسئلتى السابقة مازال أمامها مشور طويل.