أخشى ما أخشاه أن يتحول المصريون إلى قابيل أو هابيل.. وندخل فى الفتنة «فلا يدرى القاتل فيم قَتَل.. ولا يدرى المقتول فيم قُتِل» كما قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم». نزيف الدماء كالمتوالية العددية.. والخطر يكمن فى أول نقطة دم تنزف فى هذا الصراع السياسى المدمر.. إذ تتحول فجأة إلى نقطتين.. ثم أربع.. فثمانٍ.. وهكذا.. ولعل هذا يفسر قوله تعالى «مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً».. ويفسر المعنى الآخر «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً». فقتل نفس يحض على قتل الناس جميعا ً.. وإحياء نفس يحض على إحياء الناس جميعا. وقد قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» «ما من قتيل يقتل إلا كان على ابن آدم الأول كفل منه» لأنه أول من سن القتل ودعا إليه بفعله. فلنحذر البداية حتى لا نصل إلى النهاية.. وما أسوأ البداية فى مصر.. إذ بدأت قبل 30 يونيه.. فقد سقط ستة قتلى قبل 30 يونيه.. وفى يوم30 يونيه سقط بعض القتلى ولكن الله سلم لأن معظم الحشود كانت سلمية.. ولكننا جميعا ً نضع أيدينا على قلوبنا مع هذه الحشود الهائلة للفريقين والتى تزداد يوما ً بعد يوم.
أناشد كل المصريين أن يتوقفوا مليا ً وطويلا ً أمام ذلك الحديث الرائع «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل نفس بغير حق».. وأمام قوله ( صلى الله عليه وسلم) «ما يزال المؤمن فى فسحة من دينه ما لم يصب دما ًحراما».الكل ينادى بالسلمية ويتشدق بها.. ثم ترى الدماء تنهمر بغزارة كل يوم.. وترى الحرائق تشتعل فى الأماكن والقلوب فى كل لحظة.
الحرق عقوبة اختص الله بها نفسه دون سواه وجعلها فى الآخرة ولم يجعلها فى الدنيا.. والذين قاموا بحرق مقرات الإخوان المسلمين والحرية والعدالة فى الإسكندرية وغيرها ارتكبوا أعظم الجرائم.. والحرق أكبر سلبية من سلبيات ثقافة ثورة 25 يناير.. وقد بدأت بحرق أقسام الشرطة.. فسعدت القوى السياسية الانتهازية بذلك.. وحرق الحزب الوطنى.. فسعدت أيضا ً بذلك.. ثم دارت الدورة عليها لتعلم أن الذين أقررناهم وشجعناهم على الحرق لن يتوقفوا عند نقطة محدودة. إن أسوأ ما شاهدته فى مصر أن ترى الشاب يحرق المجمع العلمى أو سيارات الشرطة أو أتوبيسات الإخوان ثم يرفع يديه بعلامة النصر؟..ولا أدرى انتصر على من ؟ إنه يحرق كل القيم والمبادئ والمثل التى جاءت بها الشرائع السماوية.. ويعتدى على كل القيم الإنسانية.. وكل القوانين الأرضية.
لبنان الطائفية لا ينقطع فيها الحوار بين نخبها السياسية وأطيافها الدينية والسياسية والفكرية رغم الحرب الأهلية التى حدثت بينهم قديما ً.. أما القوى السياسية المصرية فقد فقدت كل العلاقات الإيجابية بينها فى أول سنوات الديمقراطية.. وفشلت جميعا ً فى أول اختبار ديمقراطى لها.. وتحولت العلاقة بينهما إلى ثقافة «إما أكون أو لا أكون».. أو «قاتل يا مقتول».. و«إما أن أحصل على كل شىء أو أدمر الكون».. أو «استأثر بكل شىء وأقصى الآخر تماما».. وتحولت المعارضة إلى معارضة انقلابية مناكفة تريد حرق خصومها حتى لو احترق الوطن.
لما آثر سيدنا يعقوب ابنه الصغير يوسف عليهما السلام بحبه ومودته أكثر من أشقائه كان ذلك وبالا ً وعبئا ً على يوسف الطفل وحمله مالا يحتمله بشر. ففى أول اجتماع لإخوته كان أول اقتراح لأشقائه «اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً» دون أن يراعوا أى منطق للأخوة.. هذا الدرس يحتاج الجميع إلى قراءته.. فالاستئثار أخطر شىء على صاحبه وأكثر شىء يضره قبل غيره. فى الختام أقول ما أحوج مصر الآن إلى قوله تعالى «أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ».. فما أكثر الحمقى الآن فى مصر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال محمد
يوجد رشيد واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
إيهاب
حتى الآن لا أراه
عدد الردود 0
بواسطة:
على عليوه
طيب علسان خاطرى قول الكلام ده للعريان وعاصم عبد الماجد واشياعهم
علشان والله احنا عارفينه
عدد الردود 0
بواسطة:
lمحمد ابو عايد
لقد حدث
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام
ان شاء الله مصر الى الافضل
عدد الردود 0
بواسطة:
الزينى
الى د\ناجح
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد هاشم
احفظ المسلمين