دراسة التاريخ ومحاولة فهمه وإدراكه واستخلاص الدروس عبر مساراته غير استرجاعه وإعادته، فما بالك والشعب المصرى هو الذى صنع التاريخ وسطره للعالم كله، هكذا دائماً ما يكون هذا الشعب المصرى العظيم الذى احتفل يوم السبت الماضى بالعيد الثالث لهبة المصريين يوم 25 يناير 2011، وعظمة هذه الاحتفالات، أنها قد جاءت بعد عدة حوادث إرهابية ضد الشرطة وضد المصريين بهدف تخوين وترهيب وتفزيع المصريين، جاءت أيضاً فى ظل خلاف مصطنع بين فرقاء سياسيين عادة ما يتوهمون أنهم سياسيون وصناع سياسة، بل هم من يقود الجماهير حتى أصبحت السياسة صفة والثورية سبوبة من ليس له سبوبة، فاختلقوا تناقضاً وهمياً بين هبة يناير وهبة 30 يونيو 2013، ليس لسبب غير حفاظهم على مكاسبهم الحزبية والذاتية تارة باسم الدين وأخرى باسم الوطنية، مدعين أنهم هم من صنعوا تلك الهبات، وأنانيتهم قد أعمت أبصارهم عن أن يروا عظمة هذا الشعب الذى قام بهبتى يناير ويونيو وحده ولا فضل لأحد غيره، فلا هبة ولا انتفاضة ولا تغيير ولا إصلاح ولا ثورة بدون الجماهير، فلا أفراد ولا جماعات تحدث تغييراً بعيدا عن الشعب من خلال تراكم نضالى ممتد، وكعادة الشعب المعلم الذى أسقط مبارك والذى أسقط مرسى الذى خرج فى 3 يوليو لإقرار خارطة المستقبل ويوم 26 يوليو ليأكد هبته فى 30 يونيو، ومع ذلك لم يدركوا مغزى هذه الرسائل التاريخية وغير المسبوقة، والتى ستصبح نظريات سياسية للعالم كله.السياسة ليست نظريات تطبق ولكنها واقع عملى وفعل جماهيرى ينتظر، وحدث الاستقطاب السياسى الذى يهدف ويسعى إلى السلطة وإرجاع الكرسى، وكانت الرسالة الأخرى يومى 14، 15 يناير عند الخروج غير المسبوق للاستفتاء على الدستور فى ظل مناخ تخويفى وترهيبى، ولكنه الاغتراب وإسقاط الواقع والحلم بالمأمول جعلهم مازالوا لا يرون، وبالرغم من الصراع المضحك بين يناير ويونيو كانت الرسالة الأهم وهى خروج المصريين فى ميدان التحرير وكل ميادين التحرير يوم 25 يناير الماضى، لكى يؤكد هذا الشعب العظيم عدة أمور.
أولها: أن يناير ويونيو هما صناعة وإبداع هذا الشعب، ولا أحد يزعم أنه هو صاحب هذا الإبداع.
ثانياً: أن المصرى لا يخاف البتة وهو يصمت أحياناً ويصبر كثيراً، ولكنه هو الشعب الحى، الذى لا يخيفه تهديد ولا يثنيه إرهاب، فقد كسر حاجز الخوف، ولن تعود الساعة إلى الوراء.
ثالثاً: أنه حتى الآن الغرور يأخذ بألباب القوى السياسية والأحزاب ولا ترى الجماهير، فلا ترى غير ذاتها.
رابعاً: يناير هبة كسرت شوكة الخوف وأسقطت كل الفراعين السابقين واللاحقين، وأن يونيو هى الامتداد الطبيعى والمكمل الرسمى ليناير حتى يمكن تحقيق الثورة على أرض الواقع ولصالح كل المصريين.
خامساً: لا حكم ولا سلطة بغير إرادة الشعب وقبوله، وإرادة الشعب لن تكون بالإرهاب والتفجير ولكن بالحوار والإقناع والرأى والرأى الآخر.
سادساً: نعم مصر لكل المصريين ولكن للمصريين الذين يحبون الوطن وينتمون إليه ويعشقون ترابه ويحبون ناسه ويسعون إلى رفعته وتقدمه، ولكن لن تكون لمن لطخت يداه بالدماء لمن لا يؤمن بمصر ولا بشعبها، الطريق مازال مفتوحاً لحضن هذا الشعب فالجميع مصريون، فالقافلة تسير بإرادة الله والشعب، وأهلا بمن يريد أن يلحق بها كمصرى فى حماية كل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة