بدون فلسفة، أو تنظير باستخدام مصطلحات «غليظة ومكعبرة»، التى يستعصى على العامة فهمها، فإن «كهنة» ثورة 25 يناير، أضفوا عليها قدسية فاقت كل هالات التبجيل والتوقير والإجلال للأديان المختلفة، وأصبحت لها قادة ومبشرون يفوقون قادة «داعش»، ويصدرون فتاوى التكفير والقتل والذبح لخصومهم.
الدكتور علاء الأسوانى الذى فر من مهنة الطب كما يفر الإنسان من مرض معدٍ، إلى مهنة الأدب والصحافة، أهان شعب مصر، واختصر كل تاريخهم الذى يقترب من 5 آلاف عام، فى ثورة 25 يناير 2011 فقط، عندما قال نصا: «إن هناك فى مصر ثورة واحدة هى 25 يناير».
هكذا بمنتهى الأريحية، يرى الأسوانى أنه لا ثورات فى مصر غير 25 يناير، طامسا تحت الثرى، كل الإرث النضالى للشعب المصرى على مدار تاريخه القديم منه والحديث والمعاصر، فلم ير كل الثورات العظيمة التى شهدتها مصر، ومنها على سبيل المثال، أول ثورة شعبية ضد الملك «بيبى الثانى» أحد ملوك الأسرة الفرعونية السادسة، ثم ثورة أحمس ووالده وشقيقه لطرد الهكسوس من مصر فى عهد الأسرة الـ18.
ثم كانت الثورة الأهم فى تاريخ مصر، وتم طمسها بفعل فاعل من كتب التاريخ، ثورة شيخ العرب همام عام 1767، عندما قاد الصعيد ضد المماليك المغتصبين للحكم، وهى الثورة العظيمة التى سبقت الثورة الفرنسية، وأسست لأول دولة ديمقراطية بمفهومها الشامل فى الصعيد، من المنيا شمالا وحتى الشلالات جنوبا.
أيضا ثورة المصريين ضد الفرنسيين المحتلين عام 1798، وهو ما أطلق عليها المؤرخ العظيم «الجبرتى»، ثورة القاهرة الأولى، ثم اندلعت بعدها بعامين مظاهرات حاشدة للمصريين ضد نفس المحتل عام 1800، وأطلق عليها الجبرتى ثورة القاهرة الثانية، ولم يقل لنا الرجل إنها موجة على غرار ما يردده علاء الأسوانى ونحانيح الثورة، الكارهين إلى حد التحريم ثورة 30 يونيو.
وأين ثورة عرابى، وثورة 19، وثورة 23 يوليو، وهى الثورة الوحيدة التى كان لها أهداف واضحة، وحققتها جميعا، ثم الثورة التى أنقذت الهوية المصرية 30 يونيو؟