تطورت الشعوب على مر العصور وكان هذا التطور دليل واضح على الرقى والتميز وأصبح هناك مستويات رائعة من التنافس على إثبات حالة التطور بل تصدير ذاك التطور للآخرين والاستفادة منه فى شتى المجالات.. هذا ما يحدث حولنا.. أما نحن كمنطقة الشرق الأوسط تطورنا فعلاً لكن بشكل رمزى، تطورنا فى الأدوات ولكن من ناحية تطور النفوس فالحصيلة صفر.. أصبح لدينا كل أنواع التطور فى بيتنا وفى العمل وفى كل مكان نذهب إليه، فنحن نركب أحدث السيارات ونستخدم أجهزة الجوال المتقدمة ونتصارع فى التظاهر بما نقتنيه منها.. كل هذا ما هو إلا تطور أدواتى، ولم نتطور بعد فى معاملاتنا وفى أسلوب حياتنا وتعامُلنا مع المشكلات، لم نطور العملية التعليمية وأصبح لدينا فشل ذريع فى تخريج شباب لديه المعرفة والثقافة التى تؤهله ليخدم بلده.. استوردنا أسوأ العادات من الدول الأخرى ولم نقتن منهم تطورهم فى المعاملات الإنسانية وأصبح لدينا نقص واضح فى مخزون الاحترام.. لم نعد نحترم بعضنا، الصغير لم يعد يحترم الكبير، والكبير أصبح لديه بُخل واضح فى قبول الصغير واحتضانه.. وظهرت فجوة نوعية بين أفراد الأسرة الواحدة فكل فرد له حياته بعيداً عن الآخر ولم يعد هناك ترابط أُسرى.
هذا هو تطورنا يا سادة.. الطفل لا يعرف كلمة شكراً وإذا طالبته بقولها، يفتح فاه مندهشاً فهذه الكلمة لا توجد فى قاموسه اللغوى ولم يعلمه أبواه كيف ينطقها.. فى الشارع لا يعرفون شىء عن كلمة (آسف) فهى كلمة الضعفاء الذين ليس لهم حول ولا قوة، وأصبحت الكلمات الجارحة هى الكلمات التى نسمعها دوماً، والمُحرج انها تداولت بين النساء والفتيات.. نقيم الفروض الدينية أما عن المعاملات بيننا فهذا شىء آخر.. نخدع بعضنا بعضاً ونتفاخر بالنصب على الآخرين ونقول (دى نصاحة) والقانون لا يحمى المغفلين.
المؤسف فى كل هذا إننا نتفاخر بتطورنا الفذ.. فمن نخدع؟ بالتأكيد نخدع أنفسنا.. إذا أردنا التطور الحقيقى فلنبدأ بتعاملاتنا الإنسانية وكيف يكون الإنسان إنسان له الاحترام والتقدير فى كونه إنسان فقط ولا نقيسه بدينه أو شكله أو جنسه أو حالته المادية.. نعرف جيداً أن تحقيق ذلك صعب جداً ولكن فلتكن هناك بداية ثم نتطور شيئاً فشيئاً حتى نفتخر بأنفسنا وإننا حققنا ما لم يحققه الآخرون.
أرشيفية
