كنت قد كتبت عن رجل الأعمال أحمد عز مرتين بعد ثورة 25 يناير، الأولى عقب مهرجان البراءة لجميع أركان نظام مبارك ما عدا هو، وقلت حينها كأن ثورة لم تقم إلا لحبس أحمد عز فقط، والمرة الثانية عقب خروجه من السجن، ومحاولة الأحزاب والتيارات السياسية تعليق شماعة «خيبتها وفشلها» فى الشارع على أحمد عز، وترديد أن الرجل خارج فى ثوب «حسن الهلالى بطل فيلم أمير الانتقام»، لينتقم من كل خصومه، وأكدت أن الرجل اعتزل السياسة، وألقى عليها اليمين الثالث والبائن، حتى لا تعود إلى عصمته.
لكن يبدو أن أحمد عز وجد «محللا»، يُمكنه من إعادة السياسة إلى عصمته من جديد، عندما أعلن منذ ساعات عن نيته الترشح لخوض انتخابات مجلس النواب القادم، فى حفل الغداء بمصنع الجوهرة للسيراميك، عندما طالبه العمال بضرورة الترشح فرد عليهم نصا: «هترشح علشان خاطركم»، بل تردد أنه بدأ مشاوراته وجولاته فى ثلاث قرى وهى «الطرانة والأخماس وكفر داود»، بمركز السادات.
أنا لا أعرف مَن بالضبط مستشارو أحمد عز، الذين يسدون له النصح، ويدفعون به فى آتون نار السياسة من جديد، ولو خصوم رجل الأعمال خصصوا أموالا طائلة لإجباره على العودة للملعب السياسى من جديد لكانوا سجلوا فشلا مذهلا، خاصة أن الرجل كان أحد أبرز الأسباب التى دفعت الناس للخروج فى ثورة ضد نظام بأكمله، وأسقطوه، بالضربة القاضية، ودون أى مقاومة تذكر لحزب «عز» المنحل.
الرجل، قرر وبكامل قواه العقلية، أن يستعين بعصا ضخمة ليحرك بها النار الكامنة تحت الرماد، دون فطنة، أو قريحة، تهديه إلى الصواب، بأن قرار ترشحه لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتحريك النار التى مازالت على قيد الحياة، وكامنة تحت الرماد، سيعيد إشعالها من جديد، وسيتطاير منها الشرار «ليأكل» الأخضر واليابس.
كما أنه من الواضح أحمد عز لم يستطع طوال الأربع السنوات الماضية بتر واستئصال ورم «السيطرة والاستحواذ» وشغف النفوذ والسلطة المصاب به، رغم ما يمثله هذا «الورم» من تهديد خطير عليه فى هذا التوقيت، ولا يمكن لعاقل فى الكون جرب الغرق وصارع الموت ونجا منه بمعجزة، ثم يقرر إعادة نفس الكَرة، فى ظل وجود أمواج عالية، ورياح وأعاصير عاتية تُغرق أمهر السباحين الذين يتمتعون بقدرات خارقة على السباحة فى أحلك الظروف.
رجل الأعمال أحمد عز، بدلا من أن يحشد كل جهوده، فى إدارة مشروعاته الاقتصادية ويضفى عليها المزيد من التوسعات والنجاحات واقتحام الأسواق العالمية، ويسير داخل «حوائط» مصانعه، بحثا عن الأمان والسلام، أراد أن يقفز بكل قوة فى بحور السياسة الممتلئة «بالدوامات» المميتة، ويحاول أن يعوم ضد التيار من جديد، فى تحد مقيت وسمج، مغلف بكل نظريات العناد والكبر والغرور، والبعد عن الكياسة والفطنة.
وفى النهاية لا أملك إلا أن أقول لرجل الأعمال أحمد عز، سوى، كلمة واحدة، تحمل من المعنى والمغزى الكثير، «عيييييييب»!!!