حينما كنت أحاول عبور أحد شوارع العاصمة التى أصبح السير فيها أشبه بما يفعله بهلوانات السيرك من شدة الزحام فوجئت بسيارة للأمن المركزى مكتظة بمجندين كانوا يرددون فى صوت واحد وبمنتهى "السلطنة" والانسجام أغنية من الفولكلور المصرى وهى "على بلد المحبوب ودينى" ، فقال لى صديقى الذى كان يسير إلى جانبى "شايف الناس الرايقة.. بيغنوا وبيضحكوا واحنا قلوبنا بتتقطع عليهم لما الإخوان بيعتدوا عليهم وبيموتوهم" ابتسمت ولم أعقب على كلام الصديق "المنفعل" وتذكرت مشهداً مهماً فى فيلم الناصر صلاح الدين حينما كان القائد العظيم صلاح الدين الأيوبى يتفقد جنوده فى مساء إحدى المعارك التى كان تفوق فيها على الصليبيين وكان جنوده يشعلون النيران ليلاً ويرقصون حولها ويغنون من قلوبهم فقال له أحد مساعديه أن الجنود يحتفلون بالنصر فرد عليه صلاح الدين قائلاً: أنهم بالفعل يحتفلون ولكن احتفالهم ليس بالنصر وإنما يحتفلون لأنهم مازالوا يعيشون على قيد الحياة ولم يكن مصيرهم الموت مثل الأعداد الكبيرة من زملائهم الذين استشهدوا فى المعركة صباح ذاك اليوم.
هذا ما لاحظته بالفعل فى وجوه هؤلاء الجنود الذين شاهدتهم يصفقون ويرددون الأغنية التى ربما يعبرون من خلالها عن حالة الحنين إلى قراهم ونجوعهم التى تركوها وربما لن يعودوا إليها مرة أخرى وهم يشاهدون بأعينهم زملائهم الذين يتساقطون يومياً برصاص الغدر والخسة و"الندالة".
فحينما ننظر إلى وجوه هؤلاء الجنود "الغلابة" الذين يمثلون الغالبية العظمى من ضحايا الحوادث الإرهابية شبه اليومية، فإننا لن نرى سوى تلك الوجوه الحزينة "المعجونة" بالبؤس والتى تخفى وراء ابتسامتها "المفتعلة" الكثير والكثير من قصص وحكايات نسج خيوطها الفقر والحرمان و"قلة الحيلة"، تلك الوجوه لن تراها إلا بين أبناء القرى والنجوع الذين يقضون معظم أوقاتهم وسط الحقول التى يعملون فيها تحت الشمس الحارقة كلما حصلوا على "إجازة" طوال فترة التجنيد وذلك من أجل مساعدة أسرهم فى توفير "لقمة العيش" الكريمة.
وطالما حال هؤلاء الجنود الذين نفقدهم يوميا على هذا النحو من البؤس و"الشقاء" فإلى متى تقف الدولة هكذا مكتوفة الأيدى فى تعاملها مع تلك "الجماعة الإرهابية" دون أن تبادر باتخاذ إجراءات أكثر صرامة وأكثر "قسوة" تجاه مرتكبى تلك الحوادث الإجرامية.. فلماذا لا نسمع حتى الآن عن أحكام بالإعدام وأخرى بالمؤبد فى أعقاب العمليات الإجرامية التى تزهق أرواح الأبرياء من المدنيين والعسكريين، فهذه الأحكام بكل تأكيد سوف تسهم وبشكل كبير فى "كسر شوكة " البلطجية، وأعتقد أنها ستكون عبرة للخارجين عن القانون من أعضاء تلك الجماعة الإرهابية والجماعات المسلحة التى تعمل تحت مظلتها.
ولأننى كنت، وما زلت ـ أرى أن هؤلاء "الجنود" الذين كانوا "يغنون" داخل سيارة الأمن المركزى ربما يشاء قدرهم وحظهم "العاثر" أن يكونوا فى طريقهم إلى موقع ملتهب ملىء بالأحداث "العنيفة" فيعود بعضهم إلى أهله مجرد جثة هامدة ملفوفاً بعلم مصر.. فإننى على يقين أيضاً أن أغنية "على بلد المحبوب" التى سمعتها من قبل سوف أسمعها مرات ومرات وهى تخرج من حناجر الجنود "المبحوحة" والخائفة"، طالما لدينا حكومة "مرتعشة" ما تزال تتعامل بهذه "الرخاوة" و"الطبطبة" وعاجزة عن الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه القيام بترويع الآمنين وقتل "المجندين" الذين كل جريمتهم أنهم لبوا نداء الوطن والتحقوا بالخدمة العسكرية تاركين حياتهم "البائسة" ليعيشوا حياة "أكثر بؤساً" وهم يقفون "خدمة" سواء فى كمين أمنى أو فى وردية حراسة.
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام شعراوي
مقال اكثر من رائع
والله مقال اكثر من رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
وجية عامر
مقال محترم ومهنية عالية
اشرف بيه مقال فعلا جامد جامد جدا بالتوفيق
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام محمد
ربنا يحمي جنودنا
عدد الردود 0
بواسطة:
نور عبد الرحمن
فكرة المقال قوية جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سعيد
مقاتل من الطراز الأول
عدد الردود 0
بواسطة:
علي رجائي
مقال محترم ومهنية عالية
التشبيه بالفيلم صلاح الدين تشبيه رائع وقوي
عدد الردود 0
بواسطة:
ثومه
هذا جزاء خدمة الوطن
عدد الردود 0
بواسطة:
قدرى مصفى
ربنا يسترها علي جنودنا وضباطنا
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء الدين موسى
ربنا ينهي خدمتكم علي خير وسلامة
عدد الردود 0
بواسطة:
هبة علي
حقهم عند مين يابلد