أثار إعلان عدد من الشخصيات السياسية المقربة من الإخوان عن وثيقة بروكسل التى شملت عشرة مبادىء، تمثل رؤيتهم للإصلاح المطلوب فى مصر عاصفة من الجدل بين من يرون أنها موجهة للخارج ومن يرون أنها موجهة للداخل، وتعد هذه أول وثيقة تقدم تصورا خاليا من عودة الرئيس المعزول محمد مرسى للحكم وتحدثت الوثيقة عن مبادىء عامة قد لا تكون محل خلاف بين المؤمنين بالديمقراطية مثل التعددية والتشاركية والعدالة الانتقالية والعدالة الاجتماعية، وضمان الحقوق والحريات، وإصلاح المؤسسات، وكلها عناوين لقضايا وملفات لن تجد من يرفضها، لذلك فالحديث لا ينبغى أن يكون عن مضمون الوثيقة بل عن أهدافها وكيفية الوصول إليها.
بداية مازالت جماعة الإخوان حائرة فى اتخاذ خطوات صريحة بالتنازل عن مطالبها بعودة مرسى، والتعامل مع الأمر الواقع والعودة للمسار السياسى وعلى الناحية الأخرى فالسلطة فى مصر، قد وصلت لأقصى درجات التصعيد والتشدد، وأبرزت التصريحات الأخيرة الخاصة بقضية المصالحة أن هذا الملف مؤجل تماما، بل ذهب المرشح الرئاسى الحالى عبدالفتاح السيسى إلى ما هو أبعد من إعلانه أنه لن يكون هناك مكان للإخوان فى مصر خلال فترة حكمه وعلى نفس النهج سار حمدين صباحى المرشح المنافس.
يمكن فهم هذه اللغة فى إطار الحفاظ على الكتل التصويتية الرافضة للإخوان ولكن لا يمكن اعتبار أن هذه تصريحات سياسية ترسم ملامح الفترة القادمة، لأن بقاء تيار بحجم الإخوان خارج المعادلة السياسية خطير للغاية ويفتح الباب لمعركة طويلة تشبه عشرية الجزائر السوداء التى انتهت بالمصالحة بعد مقتل ما لا يقل عن 120 ألف مواطن جزائرى.
لذلك على السلطة فى مصر تجهيز سيناريو لإنهاء هذه المرحلة التصعيدية بشروط على رأسها تطبيق القانون على كل من تورط فى عنف وإرهاب، وفصل الإخوان ممارستهم السياسة كحزب عن الدين والدعوة، وعدم السماح بعودة الجماعة كجمعية اجتماعية إلا من خلال التقنين القانونى وابتعادها عن السياسة تماما، ونبذها لكل أشكال العنف قولا وفعلا، وتنازل الإخوان عن مطالبهم بعودة مرسى والدخول فى العملية السياسية الحالية بأطرها القائمة، أما السلطة فتكون استجابتها بالإفراج عن المعتقلين الذين لم يتورطوا فى عنف، ووقف الملاحقات الأمنية والتصعيد الإعلامى وتعويض أسر الشهداء ماديا ومعنويا «كل الشهداء مدنيين وعسكريين وشرطيين» وتبنى خطاب مجتمعى يزيل الاحتقان وينزع المرارة المتبادلة من النفوس مع محاسبة كل من خالف القانون بتطبيق منظومة حقيقية للعدالة الانتقالية.
لن يفيد الوطن أن يظل كل طرف ينتظر ويماطل ويخاطب أنصاره على حساب المصلحة العليا للوطن، بقاء الأوضاع السياسية متوترة بشكل دائم يمثل خير مناخ للإرهاب وعدم الاستقرار، وهذا ينعكس مباشرة على فرص الوطن فى التقدم الاقتصادى والتنمية التى ينتظرها ملايين المصريين الذين لن يحتملوا أكثر من ذلك.
إذا لم ننته سياسيا من مشاكلنا ونتفرغ للبناء فستنفجر فى وجوهنا جميعا قنبلة اجتماعية الأبعاد واقتصادية الأهداف وهذه لن يمكن السيطرة عليها لأنها ستكون عشوائية الانفجار، وغير قابلة للسيطرة، الجوعى والمهمشون لن ينتظروا أهل السياسة كثيرا وسيدفع الوطن الثمن، فهل من مستجيب؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هاله احمد
لن يسمع أحد
عدد الردود 0
بواسطة:
إيناس محمد
الاطراف لن ترضى
عدد الردود 0
بواسطة:
على سامى
تحليل جيد للوضع فى مصر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت بلال
العدل
العدل هو العدل .انا احبك يا دكتور
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى اصيل
مناوره
عدد الردود 0
بواسطة:
عزه حسين
مصر
ياريت كلامك يا دكتور حقنا ً للدماء ولك تهدأ البلد