سعيد الشحات

حوار مع سيدة عراقية على أرض إيرانية

السبت، 14 يونيو 2014 07:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنا مشغولين بالتقاط الصور التذكارية فى إحدى الحدائق الجميلة بمدينة «أصفهان» فى إيران عام 2012، انتبهت «سيدة» فى الثلاثينيات من عمرها إلى حديثنا باللغة العربية وباللهجة المصرية فى بلد لغتها فارسية، كانت تسير بالقرب منا، فجاءت إلينا لتقطع انشغالنا.
«مرحبا يا مصريين»: هكذا اقتحمتنا بلغتنا الواحدة، قربتنا إليها دون أن نعرف هويتها، سلمت علينا، نادت والدها وشقيقها الصغير وطفلها الذى يتخطى العاشرة من عمره، قالت: «أنا عراقية من البصرة».

بادرتها بسؤال: «أنت شيعية؟»، أجابت: «نعم»، وشرحت لنا أنهم يأتون إلى «أصفهان» للتنزه فى رحلات «اليوم الواحد» لقرب المسافة، كانت هذه معلومة جديدة لنا، تأكدنا منها ونحن فى نهاية اليوم ننتظر ركوب «التلى فريك» وكان وراءنا فى طابور الانتظار خمسة شباب فى العشرينيات من العمر، ووحدتنا اللغة أيضا، وتحاورنا فى نفس الموضوع الذى تجاذبنا الحديث حوله فى بداية اليوم مع السيدة الثلاثينية العراقية.

قلت للسيدة: «أنت شيعية يعنى تكرهين صدام حسين؟».

كأنها تنتظر لتقول ما بداخلها لقوم اطمأنت إليهم، هم نحن، وبدا كلامها مثيرا لأنها تقوله على أرض تكره صدام حسين ليس لأسباب مذهبية «شيعة وسنة» فقط، وإنما لأنه الرجل الذى دخل فى حرب مع إيران استمرت ثمانى سنوات، جرى فيها استنزاف للبلدين.

«ولا يوم من أيام صدام حسين، الله يرحمه، أنا شيعية اتعلمت فى مدارس البصرة أيام صدام، تعليم لم يكن فيه شيعة وسنة، كان فيه العراق كله، كانت أيامه كلها أمان، كل حاجة كانت موجودة، أمن، أكل، شرب، وظيفة، مسكن، خروج، دخول فى الليل زى النهار، أخذنا إيه بعده غير الذل والهوان والقتل على الهوية، أنا عشان أمشى فى منطقتى الشيعية لازم ألبس اللبس اللى يؤكد إنى شيعية، ولو روحت منطقة سنية، لازم أغير لبسى عشان أظهر لهم إنى سنية، غير كده منعرفش نعيش، أو نفضل فى البيت لا نخرج منه أبدا، أختى ماتت مقتولة فى منطقة سنية، وأقارب سنة لى ماتوا فى منطقتنا الشيعية، كان الزواج بيحصل أيام صدام بين السنة والشيعية ما فى مشكلة فيها، حاليا ما فى هذا الكلام، الله يرحمه هو خد كل حاجة حلوة معاه».
كان صديقى الكاتب الصحفى محمود الشناوى الصحفى فى «وكالة أنباء الشرق الأوسط» يزيد فى الأسئلة عن الأوضاع، بخبرة تواجده فى العراق أربع سنوات بعد احتلالها من أمريكا، مما أثار لديها شهية الحديث أكثر.

حدثتها عن الديمقراطية، فضحكت ساخرة: «ديمقراطية إيه واحنا بنتقتل على الهوية، دى قصة بيضحكوا علينا وعليكم بها»، كان والدها يهز رأسه مسلما بكل ما تقوله ابنته، وشقيقها وطفلها يجلسان بصمت أمام حديقتى «طاوس» و«بجعة».

فى نهاية اليوم وأثناء انتظارنا لركوب الـ«تلى فريك»، جاء حديثنا مع خمسة شباب عراقيين «شيعة»، تحدث أربعة منهم بنفس رأى السيدة «الثلاثينية»، لكن الخامس قال: «ده كان طاغية».

أين هؤلاء مما يحدث فى العراق الآن من انهيار واستيلاء «داعش» على شماله؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة