فى عام 1977 فاجأ الرئيس أنور السادات الجميع بعقد اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الإسرائيلى وهى خطوة جريئة لامه الكثيرون عليها، حتى أن الدول العربية دخلت فى عداوة مع مصر بسبب هذا الموقف، الذى أثبتت السنوات اللاحقة صحته.
لم يكن ما فكر فيه السادات من خلال الاتفاقية يخص مصر وحدها وسلامة أراضيها وجلاء المحتل عنها بعدما لقى هزيمة نكراء فى حرب أكتوبر73، بل أيضا سعى الرئيس الراحل إلى أن تشمل الاتفاقية إعلان دولة فلسطين على حدود 67، عندما أكد فى خطابه الشهير فى الكنيسيت موجها خطابه للإسرائيليين قائلا "هناك أرض عربية احتلتها ولا تزال تحتلها إسرائيل بالقوة المسلحة ونحن نصر على الانسحاب الكامل منها بما فيها القدس العربية.. وأن الانسحاب الكامل من الأرض العربية المحتلة بعد 67 أمر بديهى لا نقبل فيه الجدل ولا رجاء فيه لأحد.. إن قضية شعب فلسطين وحقوقه المشروعة لم تعد اليوم موضع تجاهل أو إنكار إنها واقع استقبله المجتمع الدولى بالاعتراف فى مواثيق دولية لن يجدى أحدا أذانه عن دويها المسموع وحتى الولايات المتحدة الأمريكية حليفكم الأول اختارت أن تعترف أن الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة وأن المشكلة الفلسطينية هى جوهر الصراع.. السلام لا يمكن أن يتحقق بدون الفلسطينيين وأولى بكم أن تتفهموا إصرار شعب فلسطين على إقامة دولته.. لا طائل من عدم الاعتراف بالشعب الفلسطينى وحقوقه فى إقامة دولته".
تلك كانت كلمات السادات والتى قابلها الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات بالرفض مطلقا الشعارات الرنانة التى لم تجد شيئا عندما قال للأمريكان "المسدس فى يدى وغصن الزيتون فى يدى الأخرى"، وما لبث أن تراجع عن موقفه وأدرك حقيقة ما كان يصبوا إليه الرئيس المصرى الراحل والذى سبق بفكره الجميع، وذلك عندما وافق – عرفات - على التوقيع على اتفاقية أوسلو عام 1993 وهى الاتفاقية التى بموجبها تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل على 78% من أراضى فلسطين – أى كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة واعتراف عرفات نفسه بحق إسرائيل فى العيش فى سلام وأمان..!
فى نظرى لا أرى اتفاقية أوسلو إلا تراجعا مخيبا للآمال العربية وردة عن المكتسبات التى كان يمكن أن يحصل عليها الفلسطينيون إذا ما وافقوا على كامب ديفيد من البداية، بدلا من الوهن الذى عاشوا ولا يزالون فيه حتى اللحظة فى انتظار وترقب وخوف للعدوان الإسرائيلى المتكرر بين حين وآخر..
لم يتمثل التراجع الفلسطينى الذى جناه ياسر عرفات فى تمخض الدولة الفلسطينية بشكل مشوه فى نطاق الضفة الغربية وقطاع غزة فقط بل امتد أيضا لصراعات وانقسامات بدأت فى العام 2006 وكان لها بالطبع إرهاصاتها عندما فازت حركة حماس فى الانتخابات التشريعية، وشكلت الحكومة ومن ثم نشأت سلطتان تشريعيتان وتنفيذيتان إحداهما ممثلة فى حماس المسيطرة على غزة والأخرى فى حركة فتح الملمة بمقاليد الحكم فى الضفة الغربية، وهو الانقسام الذى أدخل مصر فى دوامة جديدة لمحاولة تحقيق المصالحة عبر مفاوضات كثيرة باءت بالفشل أحيانا، ولندخل فى منحنى جديد من مراحل القضية الفلسطينية، المنتصر الوحيد فيها هو إسرائيل.
وأخيرا، أن العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة تلك الأيام غاشم وغير مقبول، وتتحمل مسئوليته العديد من الأطراف، على رأسهم موقف حركتى حماس وفتح وكل من يعطل المصالحة فى الحركتين المتنازعتين على أرض محتلة.. رحم الله السادات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هيثم عبدالقادر
مهزلة
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماعيل محمود
ما فعله السادات هو وسام على صدور جميع المصريين
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرازق يوسف محمد رشدان
سبحان الله