حذر الدكتور محمد سالم أبو عاصى، الأستاذ بجامعة الأزهر، من تكفير المسلمين والاعتداء واستهداف الآمنين، مشيرًا إلى أن التكفير يفضى إلى التفجير وإلى القتل، مؤكدًا أنه لا يجوز الاعتداء بأى حال من الأحوال على السائحين أو على البعثات الدبلوماسية لأنها دخلت بعهد الأمان، وقال إن هؤلاء الذين يعتدون بعيدون عن فقه الشريعة الإسلامية وهم جهلاء لا يمثلون الإسلام، إنما هم قد يمثلون تيارات منحرفة أو تيارات خارجة.
وقال خلال محاضرته فى الرابطة العالمية لخريجى الأزهر بعنوان "حرمة استهداف الآمنين" أن الشرائع السماوية والرسالات الإلهية جاءت كلها إلى الناس جميعا تأمرهم بالمحافظة على الضروريات الخمس "الدين والحياة والعقل والعرض والمال" وحديثنا الآن يهتم بالمحافظة على الحياة، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم أمر الناس بالمحافظة على الحياة باعتبار الإنسانية بقطع النظر عن الدين وبقطع النظر عن اللون والجنس فالله سبحانه وتعالى يقول "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا".
أضاف "أبوعاصى": عندما ننظر نجد كلمة نفس لم يقل نفس مسلمة أو غير مسلمة، إنما أطلق "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ"، فالمقصود أى نفس كانت فالأصل أنها معصومة لأن الله الذى خلقها، ولأن الله سبحانه وتعالى الذى كرمها وفى آيات كثيرة فى القرآن الكريم ينهى القرآن عن الاعتداء عن النفس الإنسانية أيًا كانت، وكذلك جاء البيان النبوى فالنبى عليه الصلاة والسلام يقول "لزوال الدنيا، ومافيها أهون عند الله من قتل رجل مسلم" وفى غير المسلم يقول صلى الله عليه و سلم "من قتل معاهدًا لم يشم رائحة الجنة"، وكلمة المعاهد هنا تصدق على من بيننا وبينه عهد أمان أى أن السائح أو الأجنبى الذى يأتى إلى بلادنا أو إلى أى بلد مسلم، ويأخذ تأشيرة دخول فهذه التأشيرة بمثابة عهد الأمان لا يجوز الاعتداء على دمه ولا على عرضه ولا على ماله ويجب ألا يمس بسوء وكل من يعتدى على سائح أو على بعثة دبلوماسية لأن هذه البعثات الدبلوماسية فى عُرف الشريعة الإسلامية بيننا وبينهم عهد الأمان، عهد الأمان بيننا وبينهم سفارة تقوم فى بلادهم وفى بلدنا لهم سفارة، بيننا وبينهم مصالح، بينا وبينهم تبادل سياسى.. تجارى.. اقتصادى.. علمى ..معرفى، فهذا عهد الأمان يمنع أن نعتدى على أى إنسان يدخل إلى بلدنا بعهد الأمان حتى ولو كان غير مسلم، حتى ولو كان كافرًا، حتى ولو كان ملحدًا، مادام بيننا وبينه عهد أمان لا يجوز الاعتداء عليه والنبى عليه الصلاة والسلام يستشف الغيب من ستر رقيق عندما يقول "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا"،
وأوضح الدكتور سالم أبوعاصى أنه لايجوز التفجير فى البلاد الإسلامية وفى غير البلاد الإسلامية، مؤكدًا أن التفجير الذى نسمعه الآن فى مصر عن تفجير رجال الشرطة وتفجير رجال الجيش كل ذلك من الكبائر، وكل ذلك إثم وكل ذلك إجرام عند الله سبحانه وتعالى، والله يقول "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ"، نعمة الأمان فى المجتمع الإسلامى من أجلّ النعم التى ذكرها الله سبحانه وتعالى حتى بعد النعمة الضرورية وهى نعمة الطاعة "لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت الَّذِى أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ"، كذلك تكفير الناس لا يسارع إلى تكفير الناس إلا الجهلة كما يقول الإمام أبو حامد الغزالى رضى الله عنه، "تكفير الناس الإيمان متعلق بالقلب ولا يطلع على مافى القلوب إلا الله"، وأنا أقول الذى يكفّر الناس يسلب ثلاثة حقوق ليست له، أولا: يسلب حق الله سبحانه وتعالى لأنه مطلع على القلوب هو الذى يحكم على هذا بالكفر ويحكم على هذا بالإيمان، ثانيا: يسلب حق رئيس الدولة .. حق الحاكم ..فهو وحده الذى يحكم على هذا بأنه خارج على الإسلام أو بأنه داخل فى الإسلام، ثم يسلب حق القضاء، فالقضاء هو الذى يناقش فى قضية التكفير .
وأكد الدكتور سالم أبوعاصى أنه لا يجوز لجماعة ولا لحزب ولا لداعية ولا لواعظ ولا لأى إنسان أن يحكم على الإنسان بالكفر، إنما الحكم بالكفر لابد أن يرجع إلى القضاء لأن الذى يتكلم بكلمة فيها كفّر قد يكون جاهلا، قد يكون غير قاصد، قد يكون مكرهًا، قد يكون متأولا، كل ذلك لا يخرج العبد من الإسلام، وعلماء العقيدة "لا يخرج العبد من الإسلام إلا بجحد ما أدخله فيه، منبهًا أن الكبائر والمعاصى لا تكفّر الناس، فلو رأينا إنسانا يسكر، يزنى، يشرب الخمر، هذه معصية.. وهذه كبيرة.. لكن هذه المعصية وهذه الكبيرة لا تخرج العبد من الإيمان فالمعاصى تفسق ولا تكفر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة