«القطن فتح هَنَا البال.. والرزق جه وصفالنا البال.. اجمعوا خيره مالناش غيره.. يِغنِى البلد ويهنى الحال.. أبيض منور على عوده.. يحيى الأمل عند وجوده.. جل اللى بيديه ويعيده.. ويغير الحال بعد الحال.. كانت له يوم شنه ورنه.. عَمَّر بيوتنا وصَهْلِلِنَا.. يارب يحيى لنا أملنا.. وتخلى مصر فى اسعد حال.. ياللى سهرت الليل ترعاه.. وفضلت تروى وتستناه.. آن الأوان والرزق أهو جاه.. يارب جود واسعد دى الحال».. هكذا تغنت كوكب الشرق أم كلثوم من كلمات أحمد رامى وألحان زكريا أحمد، معبرة عن سعادة آلاف الفلاحين المصريين بموسم جنى القطن عام 1942، وقت أن كان المصدر الأول للعملة الصعبة فى مصر، وكان وجهها المشرق أمام العالم، واشتهرت به حتى أصبح يقرن بالأهرامات والمعابد الفرعونية والمساجد الإسلامية.
القطن المصرى «طويل التيلة» الذى كانت مصر المورد الأول له فى القرن الماضى والمُصَنِع العملاق لمنسوجاته، أصبح عبئا على الفلاح، بعدما تخلت الدولة عن دعمه، فالمزارع الذى أفلس واستدان، فى محاولة فطرية منه للحفاظ على المحصول التاريخى، ذهبت كل محاولاته أدراج الرياح، بعدما نزلت تصريحات وزير الزراعة الدكتور عادل البلتاجى الأخيرة «بعدم دعم الدولة مرة أخرى للقطن، وعلى المزارعين تسويق المحصول بأنفسهم»، كالصاعقة على رؤوسهم، لتشكل الضربة «القاضية» على ما تبقى فى قلوبهم من أمل فى الحفاظ على «الذهب الأبيض».
وعبر الفلاحون عن حزنهم الشديد، مؤكدين «أن الدولة تكتب بذلك شهادة وفاة القطن المصرى»، واصفين الاجتماع الأخير للشركة القابضة للغزل والنسيج واتحاد مصدرى القطن والشركات العاملة فى تصدير القطن الخام إلى الخارج، لتقديم احتياجاتها الفعلية من محصول الموسم الجديد، وتحديد سعره الذى سيتم بموجبه التعاقد عليه مع الفلاح بـ«الضحك على الدقون»، خاصة وأن الشركات تلجأ للاستيراد من الخارج بأقل الأسعار.
وهدد الفلاحون بعدم زراعة القطن مرة أخرى، بعد المشاكل، التى لحقت بالمحصول خلال العامين الماضيين، وتراجع زراعته وتدهور أوضاعه لعدم وجود دراسة اقتصادية لزراعته ومنظومة حقيقية لتسويقه، مما أدى إلى وضعهم تحت رحمة أباطرة تجارة السوق السوداء الذين يشترون المحصول بأرخص الأسعار.
واشتكى المزارعون من تعرضهم للإفلاس والاستدانة، لفشلهم فى تسويق القطن مع ارتفاع تكاليف إنتاجه، والتى تصل لأكثر من 10 آلاف جنيه، وعدم صدق وعود الحكومة بحل مشاكلهم.
من جانبها حملت الشركات المستوردة للأقطان، وزارة الزراعة، أزمة مزارعى القطن، لعدم وجود دراسات اقتصادية تقدر المساحات التى ينبغى زراعتها بالقطن أو بأى محصول، وفقا لإمكانيات المصانع العاملة وأحجام تصنيعها، مؤكدين أن القصور والخلل الذى يعانى منه قطاع الأعمال العام ساهم فى تفاقم أزمة القطن المصرى، بسبب توقف القطاع عن تصنيع الغزول من القطن طويل التيلة نهائيا، وكذلك تدنى جودة.
وكانت وزارة الزراعة، أعلنت أنها اتفقت مع الشركة القابضة للغزل والنسيج واتحاد مصدرى القطن والشركات العاملة فى تصدير القطن الخام إلى الخارج أو لتلبية احتياجات السوق المحلية، لتحديد احتياجاتها الفعلية من المحصول للموسم الجديد، وتحديد سعره، على أن تتعاقد مع الفلاح، بدءًا من الموسم الجديد.
وكشف أحمد عياد، رئيس شعبة تجارة القطن بالغرفة التجارية، أن شركات الغزل والنسيج لم تلتزم بالتعاقد على شراء محصول القطن فى الموسم الجديد، بخلاف ما وعدت به وزير الزراعة فى اجتماعها الأخير، مؤكدا أن إهمال زراعة القطن ومعوقات تسويقه أدت إلى عزوف الفلاحين عن زراعته.
وأشار «عياد» إلى أن الحكومة بقراراتها الأخيرة بإلغاء الدعم تكتب شهادة الوفاة للقطن المصرى الذى شهد تدهورا كبيرا خلال عدة أعوام بسيطة، لحساب بعض أصحاب المصالح، ومافيا تجار ومستوردى الأقطان من الخارج، موضحا أن لجنة تجارة القطن بكامل هيئاتها تناشد الرئيس السيسى للتدخل من أجل إنقاذ أقدم وأفضل الأصناف التى كان يتم إنتاجها بمصر، والتى سجلت أعلى واردات اقتصادية من العملة الصعبة لأكثر من 200 عام مضت.
فيما قال ممدوح حمادة، رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى، إنه إذا كانت الدولة ترغب فى رفع الدعم عن محصول القطن الذى يعد من المحاصيل الاستراتيجية، فعليها تفعيل المادة «29» من الدستور المصرى والتى نصت على أن «الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية».
من جهته يؤكد مجدى الشراكى، رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعى بوزارة الزراعة، أن الفلاح أصبح فريسة للشركات، مطالبا بقرار سيادى يلزم الشركات بتسويق المحصول، قائلاً: «إن الشركات أكدت لوزير الزراعة أنها هتاخد القطن لأنهم مش عايزين يزعلوا الوزير، ولو تم التعاقد سيكون بأرخص الأسعار للقضاء على زراعته نهائيا لتطفيش الفلاح»، مضيفا أن «4 ملايين قنطار قطن تم استيرادها من اليونان».
وطالب «الشراكى»، الرئيس السيسى، بالتدخل العاجل لإنقاذ القطن المصرى من الضياع، وعمل منظومة لتسويقه، لعدم وقوع الفلاح تحت طائلة السماسرة وتجار السوق السوداء، وعودة مرة أخرى للحقبة «الناصرية والساداتية» بوضع خطة عاجلة بمساندة الحكومة لتحديد المساحات التى تتم زراعتها بالقطن.
وصرح المهندس حمدى عاصى، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة، بأن وزارة الزراعة بتحاول «تطفى» جروح الفلاحين بعد تصريحات وزير الزراعة الأخيرة غير المدروسة بإلغاء دعم القطن، متسائلا «شركات الغزل مفيهاش فلوس، هتتعاقد إزاى على شراء محصول القطن الموسم الجديد؟».
من جانبه طالب المهندس وليد محمد السعدنى، رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية العامة لمنتجى القطن، الحكومة بحظر استيراد الأقطان من الخارج ودعم المحاصيل الزراعية التى يتم إنتاجها، وتحديد سعر ضمان لكل منتج قبل الزراعة بشهرين على الأقل، خصوصا محصول القطن.
وهاجم الحاج فريد واصل، نقيب المنتجين الزراعيين، تصريحات وزير الزراعة بإلغاء دعم القطن والاتفاق مع شركات الغزل والنسيج على شراء المحصول، واصفا ذلك بـ«الضحك على الدقون وشغل أباطرة تجارة الأقطان».
وطالب أسامة الجحش نقيب عام الفلاحين، بتطوير منظومة تسويق المحصول، وتطوير مصانع الغزل والنسيج بالمناطق الصناعية، وحظر استيراد القطن من الخارج مع بدء موسم جنى المحصول، لضمان تسويقه وتحقيق هامش ربح مناسب يغطى تكلفة الإنتاج، مع أهمية حظر نقل القطن بين المحافظات لمنع خلط أصنافه، وحل مشاكل الجنى المستحوذة على %40 من تكاليف الإنتاج.
فيما أكد عبدالفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج، أن وزارة الزراعة تحفر قبر صناعة الغزل والنسيج فى مصر، بقرارها الصادر بعدم دعم الفلاح فى تسويق محصول القطن ابتداء من الموسم المقبل، مضيفا أن شركات حلج الأقطان ستغلق لعدم وجود أقطان تقوم بحلجها بعد تطبيق هذا القرار.
وأشار عبدالفتاح إبراهيم إلى أن قرار وزير الزراعة سيساهم فى تشريد 10 آلاف عامل وأسرهم يعملون فى شركات حلج الأقطان التسع، واختتم رئيس النقابة مشيرا إلى ضرورة تدخل رئيس الوزراء لرد تصريحات وزير الزراعة، خاصة أنها ستساهم فى خلق بلبلة بين صفوف عمال الغزل والنسيج البالغ عددهم مليونى عامل، والذين ظلموا كثيرا خلال السنوات الأخيرة، بسبب تخبط سياسات الوزراء فى الحكومات السابقة.
«عليه العوض فى القطن المصرى».. الفلاحون بعد إلغاء دعم «الذهب الأبيض»: الدولة تكتب «شهادة وفاة» القطن لصالح تجار «السوق السودة» ومافيا الاستيراد.. وشراء شركات الغزل للمحصول «ضحك على الدقون»
الأحد، 11 يناير 2015 10:31 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محلاوى
كلام مش منطقى ابدا
عدد الردود 0
بواسطة:
lمحمد
طبق القواعد الاقتصادية ترتاح وتريح
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود عبد السلام
ليس القطن فقط
عدد الردود 0
بواسطة:
sfsf
الضغط ابتدى
عدد الردود 0
بواسطة:
MASRY
مسئولين ملهومش غير القعدة فى بيوتهم ولعب البلاي ستيشن دا اخرجهم
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوعفيفى
اين الوطنيه
اين الوطنيه يا من ?تلبسون إ? الم?ابس القطنيه
عدد الردود 0
بواسطة:
ا.د/عبدالمنعم شوقى
القطن
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف المصرى
منذ 60 عام ونحن لم مستفد من الدعم واتمنى ان يكون هناك فكر جديد مبنى على العرض والطلب
عدد الردود 0
بواسطة:
elpasha
الادارة فن ياناس
عدد الردود 0
بواسطة:
أشرف
تنافسية الانتاج المصري