محمد أبو الفضل يكتب: ولينسحبوا غير مأسوف عليهم

الأحد، 18 يناير 2015 03:12 ص
محمد أبو الفضل يكتب: ولينسحبوا غير مأسوف عليهم ثورة 30 يونيو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مصر أنماط التغيير مختلفة تماما عن العالم؛ فلقد عاش الجميع آلام الانقسام والفتن والصراعات وكادت الحرب الأهلية تنشب بين فئات المجتمع، وسئم الشعب من المواجهات نتيجة للصراع على السلطة، وبدأ الجميع يتوق إلى عودة الأمن والاستقرار، لكن المشكلة التى لا تزال تؤرق الجميع أن كل فئة من المتصارعين تدعى أنها وحدها صاحبة المساعى لتهدئة الأوضاع والحكمة وأن الحل ينبغى أن يكون بشروطها هى دون غيرها، ولذلك لا يزال الناس فى الشارع بين الخوف والرجاء وفى حالة ترقب وشعور بحالة التباس فى اتخاذ أى قرار ، فهم يعيشون حالة رضا عما يحدث من مساعى للتوافق لكن هذا الرضا ممزوج باستنفار وترقب متخوف مما سيحدث فى المستقبل القريب الذى لا يزال يمثل علامة استفهام كبرى للجميع وهذا الشعور لديهم بسبب أخفاق الأحزاب السياسية فى لم الشمل
نعم؛ الجميع يريد أن يخرج من هذه الورطة وما خلّفته من مآس، ويريد أن يشعر بنتائج التغيير الإيجابى فى واقع الناس اانقتصادى والاجتماعى والسياسى.. لكن الجميع يشعر بالوجع والمرارة لما أصاب البلاد من قتل ودمار، ولا يزال لليوم معظمنا يبكى المنكوبين فى حياتهم وأبنائهم وأموالهم ممن سقطوا نتيجة الصراعات ويدعو إلى محاكمة كل القتلة، ولذلك فمهما كانت الفرحة بإمكانية فرض التغيير على المجتمع المصرى إلا أنها فرحة ناقصة بوجود هذا الكم من دماء الأبرياء التى سالت وتسيل حتى اليوم فى كل أنحاء الوطن بدم بارد، وبهذا الدمار الشامل الذى لحق بكثير من أوجه الاقتصاد والمنجزات الوطنية التى تم بناؤها من خيرات هذا الشعب وستظل فرحتنا ملتبسة ومشوشة حتى يعود لمصر وجهها المشرق وتأخذ القوانين والأنظمة مجراها على الجميع ويتحقق العدل والمساواة بين الجميع .

وإلى أن يكتمل التغيير لابد أن نستبشر بالخير القادم ونتفاءل بما تحقق إلى الآن بفضل ثورة الشباب؛ فمن أجمل نتائج ثورتنا البيضاء التى عرت حقيقة الأنظمة السابقة وكشفت حقيقتها، وخلقت لدى الجميع نوعًا من الحذر ومحاسبة النفس ومراجعة السلوكيات وطرق معاملة الآخر، وجعلت كل المسئول فى الدولة يشعر أنه تحت المجهر وأن الفرصة لم تعد متاحة للفاسدين لممارسة أى نوع من أنواع الفساد، وبدأ كثير منهم يشعر أن يد الشعب قريبة من وجه كل من يحاول أن يمارس الفساد من خلال موقعه مهما كانت قوته.. فالثورة قضت على شعور المسئولين بالأبهة والعظمة وأصبحوا يحاسبون على تصرفاتهم مع الجمهور سواسية وصارت لديهم قناعة تامة أن الجمهور هو صاحب الكلمة العليا فى بقاء المسئول على الكرسى أو إزاحته.

صحيح أننا لا نزال نعانى من بعض أذناب الأنظمة البائدة مسئولين فاسدين يخادعون الناس بالخطاب اللين والكلمات المعسولة ويظهرون ااسستجابة وتقبلهم لإصلاح ما لديهم من اختلالات فى مؤسساتهم حينما يطالبون بذلك، لكن استجاباتهم لا تزال بطيئة وشفهية يطلقونها من أجل التخدير ولتسويق أنفسهم واستمرار مصالحهم فقط ، ولا يمكن أن ترقى إلى مستوى التطبيق لأنهم يدركون تماماً أن تطبيقهم للنظم والقوانين لن يكون فى صالحهم ولا فى صالح أذنابهم وبالتالى تراهم يلبسون فى كل يوم أكثر من قناع ويجندون الأعوان لمحاربة من يشعرون أنه يملك الكفاءة لإحداث التغيير فى هذه المؤسسات، ويستميتون لإبقاء أوضاع مؤسساتهم كما هى حتى يستمروا فى الفساد والإفساد دون النظر لحال الشعب الذى لم يعد قادرًا على التحمل.

لا بد لكل مسئول من أى حزب وفى أى مؤسسة عامة كانت أو خاصة أن يراجع حساباته، وأن يضع فى اعتباراته أن أداءه وتعامله مع الجمهور هما معيار سلامته ومقياس الاستمرار فى موقعه، وعليه ألا تكون يداه مرتعشتين فى اتخاذ القرار ويركن إلى بطء دوران عجلة التغيير فى بعض المؤسسات، فكل مسئول يظن أنه قوى سيسقط إن بقى بعيدًا عن تغيير مفاهيمه عن واجباته، وليعلم مثل هذا أن المستقبل القريب ليس مستقبل اللامبالاة باحتياجات الناس، ولا مستقبل قهر الضعفاء ، ولا مستقبل عدم الشفافية والوضوح، بل هو مستقبل الحق ودولة النظام والقانون، وسيفرض الشعب المصرى ما يريد مهما طال الوقت.

ولنرفع ثمار الثورة إلى مستوى التوقعات ينبغى علينا جميعًا وعلى كل من ينتمى إلى مؤسسة يديرها مثل هؤلاء المسئولين الفاسدين أن نحاصرهم من كل الجهات حتى يستجيبوا للنظم والقوانين ويطبقوها أو ينسحبوا من مؤسساتنا غير مأسوف عليهم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة