محـمد شـوارب يكتب: تموت الأمانى فى نفوس الكسالى

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015 06:00 م
محـمد شـوارب يكتب: تموت الأمانى فى نفوس الكسالى شخص حزين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعانى بعض الدول فى أقطارنا العربية من البطالة المرهقة للرأس والجسد، فكثير من شباب الأمة جالس لا عمل ولا قراءة ولا أحلام، ومن هنا تدهور قوة الأمة فى شبابها الساهر أمام شاشات التلفاز وشاشات السينما وبرامج الهواة، من هنا ضاعت أحلام الشباب لا هدف ولا حلم فأصبحوا مثل الأموات.

من البديهى والمعروف أن الفراغ فى أقطارنا يدمر ألوف المواهب الفذة والكفاءات، ويخفيها وراء ركام هائل من عدم اللامبالاة والاستهانة والاستكانة، كما تختفى معادن الذهب فى المناجم، فهذا الإهدار الشنيع من الشباب لقيمة العمل والوقت الصائب لا حصر لها فى الأحوال النفسية والاجتماعية والاقتصادية. فربنا سبحانه وتعالى يحب المؤمن المحترف، فلا جرم أن هناك شعوبًا بأسرها تسقط من عين الله، وتسقط من أعين أهل الجد والإنتاج لأنها لا عمل لها، استهلكها الفراغ وأسلمها الفناء.

كثير من شباب البلد يجلس على المقاهى بدون عمل ويريد أن يأتى العمل إليه، وإذا أتى العمل إليه يقول (بكام وهصرف كام)، وهذا أسلوب وفكر خاطئ. فإنه إذا توكل على الله وجد واجتهاد ربما أصبح صاحب مشروع كبير أو صاحب حرفة فنية، فلو كل واحد انصرف وأخذ بجدية فى نفسه على التعهد وإلى العمل الخاص به ليتقنه وإلى واجبه المنوط به فيجيده، لكان ذلك أربى للإنتاج وأزكى عند الله. ففى أكناف وأحضان البطالة تدهور الأساليب والفكر وتولد آلاف الرذائل وتختلط جراثيم الجرائم والسرقة والنصب والاحتيال.

لو أن كل إنسان تصور عنده حب الخير وارتقى بعاطفته إلى مرحلة الانتقال إلى الخير من دائرة التصورات التى تحدث أمامه وحولها إلى عمل يبصر وينير الحياة، فإن نصف متاعبنا، وحللنا أعقد مشكلاتنا، لتحولنا من كسالى إلى نشطاء. يقول الإمام الشافعى (رضى الله عنه) (إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل). فحياة الإنسان لابد أن ترسم له منهاجًا يستغرق أوقاته، ولا يترك فرصة للشيطان أن يتطرق إليه بوسوسة أو ضلال، فمن حق كل مربى ومربية أن يحذر من أوقات الفراغ، وأن يحصنوا النفوس من شرورها، فلابد من وضع سياسات محكمة لتربية النشئ، فنحن فى أشد الحاجة إلى القيام بالواجبات والانتقال من عمل إلى عمل آخر والتحول من عمل مرهق إلى عمل مرفه هو وحده الذى يحمينا من علل البطالة ولوثات الفراغ، فالمجتمع يستطيع الخلاص من أشياء ومفاسد كثيرة لو أن التحكم فى أوقات الفراغ، لا بالإفادة منها بعد أن توجد، بل بالعزيمة وخلق الجهد الذى يستنفد كل طاقة، وتوجيه هذا وذاك إلى ما ينفع الإنسان فى معاشه ومعاده. فلا يبقى مجال للإنسان يشعر بعده أنه لا عمل له، فالبطالة تزرع الفسوق والعمل والشغل والاهتمام بالوقت كله جهاد عام وأمر معروف فى سيرته، فما استراح من مناهضة الكفر فى فجاج الأرض. يقول عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) (إنى لأرى الرجل فيعجبنى، فإذا سألت عنه فقيل: لا حرفة له، سقط من عينى). فأجيال كثيرة من الشباب لا تسهم فى نجاح الدنيا أو الفلاح فى الأخرى إلا إذا تغير أسلوبها وفهمها فى الحياة، وامحت من ربوعها آثام البطالة والفراغ، فالكسل مرض، وهو جريمة فى حق الإنسان فالمجد والنجاح والإنتاج والعمل تظل هواجس وأحلام لذيذة فى نفوس شبابنا، وما تتحول إلى حقائق حية، إذا نفخ فيها العاملون من روحهم، ووصلوها بما فى الدنيا من حس وحركة وعمل وإنتاج.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة