أتذكر سعادتى الكبيرة بقرار إلغاء التوقيت الصيفى بعد ثورة يناير فى إبريل 2011، قرار رحمنى من الاحتراق يوميًا تحت شمس المحروسة بعد انتهاء عملى الساعة 5 مساءً لطول ساعات النهار بشكل مبالغ، وعلى المستوى الشخصى اعتبر هذا القرار هو أحد أهم منجزات ثورة 25 يناير "إن لم يكن الوحيد"، رغم أنه مكنش من أولويات الثورة -عيش حرية عدالة اجتماعية- ويمكن عشان كده اتحقق.
وعلى ذكر يناير وثورته.. فى الحالات الطبيعية، فالمعتاد أن تحتفى الشعوب بذكرى مناسباتها الوطنية، وتحتفى بأبطالها، وتشيد بما تحقق من نتائج لتلك المناسبات التاريخية.
أما فى مصر -حيث غير المعتاد وغير الطبيعى يجتمعان- تجتاح إعلامنا موجات موسمية من الهجوم على ثورة يناير أحيانًا بدافع مجاملة من يعادونها من ذوى النفوذ، أو بسبب تعارض مصالح بعض الأطراف الآن مع ثورة يناير الذين يرون أن تلك الهوجة المشئومة فتحت عيون الشعب على أحلام أكبر منه "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية".
لا أزعم أنى من المشاركين فى الثورة على الأرض، ولكن كانت لى حلم وفجأة تحقق عندما رأيت الميدان لأول مرة فى واحد فبراير 2011 سكنتنى بهجة لن أنساها شعور بالسعادة ينذر بترك اللامبالاة التى سيطرت على الكثيرين من جيل لا يرى أملاً فى البلد لا يراها إلا بركة راكدة لا يطفو لا على سطحها ليرى النور إلا من كان له قريب أو معرفة يمتلك جزءًا من سطح البركة بالوراثة.
كان الجميع يسكنهم غضب مكتوم لم يستطيعوا قبل "الميدان" أن يعلنوا عنه أن يواجهوا قهرهم من تحول مصر إلى وسية كبيرة –من شاهد مسلسل "الوسية"- قد يظن بى المبالغة، ولكنى كنت أرى الصورة سوداوية أكثر من ذلك آلاف من الشباب كانوا ينظرون إلى مستقبلهم فى مصر من خلال حصولهم على فرصة للهجرة منها، هجرة لحياة أفضل أو قل حياة إنسانية، إنسانية دُربنا على تشويهها لعقود طويلة حتى أصبحت الكلمة مرادفًا للرفاهية، وأصبحت الحياة فى مصر لا تعنى إلا أيام وبنقضيها.
كل تلك المشاعر المتضاربة كانت داخل شابة تبدأ حياتها ليس لديها قريب صاحب سلطة أو نفوذ كان يشغلها إذا تعرضت يوم لظلم إلى من تلجأ لأنه فى مصر وقتها لا يأخذ حق إلا من كان له ضهر.
أحلام كبيرة حلمنا بها وأبواب على المستقبل ظننا أنها قد فُتحت، وأرواح بُذلت فى سبيل حياة أفضل، وهم بالطبع الآن فى مكان أفضل.
إذا كان بعض ممن شاركوا فى الثورة كانت لهم أهداف أخرى غير أحلامنا بحياة أفضل بوطن أرحب، بمستقبل نرى له معالم، إذا كان البعض لم يهتموا بالعيش ولا الحرية ولا بالعدالة الاجتماعية، فليس ذنب من حلم من أفترش الميدان لأيام وليالى قابض على حلمه متمسك بأمله، ليس ذنب من رأى فى الثورة وليد طال انتظاره استقبله ببشر وأمل جديد.
عندما تحل ذكرى يناير تطل معها حملات التجريح والتشهير لكل من سولت له نفسه المشاركة فى الثورة، وتعلو الأصوات المعادية المخاصمة الناقدة للثورة الحلم الذى طال انتظاره، وبُذل من أجله الكثير.الغريب أنها تأتى فى الوقت الذى يؤكد فيه النظام أن لمصر ثورتين يناير ويونيو.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة