وينتظر آخرون دورهم فى الرحيل وذويهم لا يغمض لهم جفن، وهم يسترقون السمع فى جوف الليل يتحسسون أنفاس مرضاهم أملا فى أن يمن الله عليهم بدفع براثن الموت عنهم ليوم آخر يعيشونه على أمل أن يجدوا حلا لمعاناتهم مع آليات العلاج، التى عجزت عنها مديرية الشئون الصحية باقتدار، ووضعت محافظ الإقليم الحالى كشأن سابقيه فى وضع العاجز عن إيجاد الحل لتلك المشكلة، التى تمحورت حلولها فى اجتماعات وتوصيات بلا فاعلية يقابلها ملايين دعوات التضرع إلى الله من المرضى وذويهم أن ينتهى هذا القاتل الصامت.
رغم أن محافظة الوادى الجديد هى الأكبر على مستوى الجمهورية من حيث المساحة، وعلى الرغم من ملايين الجنيهات التى تم اعتمادها لصالح تطوير قطاع الصحة، والتى كان آخرها مراحل تطوير مستشفى الخارجة العام، والتى ظلت تخضع لعمليات التطوير منذ 10 سنوات وحتى الآن حتى أصبح المريض يحس أنه قد دخل بالخطأ ورشة رخام أو مستودع لمواد البناء، ورغم تلك الجهود المتعاقبة، إلا أن الخلل الواضح فى المنظومة الصحية بالمحافظة جعلت الوادى الجديد يفتقر إلى أهم الاخصائيين، الذين يحتاجهم المرضى بصفة عاجلة، وأهمهم اخصائى الأورام فى ظل ارتفاع نسبة مرض السرطان، وهو ما يستدعى قطاع الصحة لانتداب اخصائى من محافظة أسيوط للكشف على مرضى الوادى الجديد يوم واحد فى الأسبوع وتحديدا يوم الخميس، وهو ما يتسبب فى معاناة المرضى وذويهم وهو ما رصده "اليوم السابع".
يقول محمد على بخيت، موجه الصحافة المدرسية بإدارة الداخلة التعليمية، إنه كان برفقة والدته المسنة والتى يبلغ عمرها 76 عاما قادما من مركز الداخلة، بعد أن رفض الطبيب المختص الذهاب للداخلة لتوقيع الكشف على المرضى هناك، وهو ما استدعاه لنقل والدته فى سيارة خاصة، وفوجئ بأن وحدة الكشف فى الدور الثالث ولا توجد عربات لنقل المرضى أو مصعد كهربائى، وهو ما زاد من معاناة والدته التى تخضع للعلاج بالإشعاع الكيماوى، وهو نفس الأمر الذى تعرض له كل المرضى من معاناة وإرهاق يزيد من مأساتهم.
وأضاف "بخيت"، أنه توسل كثيرا للطبيب المختص بأن يذهب لمرضى الداخلة لتوقيع الكشف الطبى عليهم هناك، فهم لايطيقون السفر لمسافة 200 كيلو لصرف العلاج فقط إلا أن الطبيب رفض قطعيا هذا الأمر، مما جعله يرضخ لقرار الطبيب باعتباره الطبيب الوحيد المنتدب من خارج المحافظة.
وبالرغم مما تبذله جمعيات رعاية مرضى السرطان بالخارجة والداخلة من جهود كبيرة فى رعاية المرضى، وتوفير كل سبل الرعاية لهم بالجهود الذاتية وتبرعات أهل الخير، إلا أن ذلك لا يفى باحتياجات المرضى فى ظل التجاهل الواضح من مديرية الشئون الصحية، التى بدا أداء مديرها باهتا وغير مقنع للمواطنين، على الرغم من انتمائه لأبناء المحافظة ما يستوجب إحساسه بمعاناتهم، وما يقابله من صمت المحافظ عن هذا الأداء السيئ، والذى يبلوره العجز الشديد فى حل إشكالية انتشار مرض السرطان بين أبناء المحافظة، وكانت واقعة تجاهل المحافظ لمختصى هيئة الطاقة الذرية، الذين قاموا بعقد ندوة عن أسباب انتشار المرض بالمحافظة، وهو ما أثار استيائهم وقاموا بإبلاغ المحافظ باستيائهم الشديد من ذلك وغيرها من المواقف التى تثبت تجاهل قطاع الصحة لجهود جمعيات المجتمع المدنى فى علاج مرضى السرطان.
وتبنى عدد من شباب المحافظة فكرة الدعوة لإنشاء مركز متخصص لعلاج أورام السرطان ودشنوا حملة مكبرة للدعاية للفكرة بين أبناء المحافظة، والتى لاقت صدى كبيرا بينهم، وبدأت الاجتماعات تتوالى من أجل تنظيم الجهود وتنسيق الأليات التى يمكن تفعيل الفكرة على أرض الواقع، ووجهوا الدعوة للمحافظ والجهاز التنفيذى بالتعاون معهم، إلا أن ردود الفعل من المحافظة كانت فاترة تجاه هذه الدعوات فى الوقت الذى يعج فيه قطاع الصحة بالصراعات الإدارية من أجل تحقيق المصالح الشخصية بين كبار الموظفين بالقطاع، الأمر الذى جعل بعض الموظفين يحتفظون بمستندات المخالفات الإدارية كوسيلة ضغط على رؤسائهم حتى لايقوموا باتخاذ إجراءات ضدهم، مما جعل جهود المديرية تنخرط فى سلسلة من الإجراءات الإدارية التى تحقق فى المقام الأول مصالح كبار الموظفين من أجل الحصول على المكافآت وجهود الدورات التدريبية والحملات والقوافل، وغيرها من الإجراءات التى تعكس وجود مافيا خطيرة تستدعى فتح التحقيق فيها على أعلى مستوى .
وتبذل جمعية الرعاية المتكاملة لمرضى السرطان بالداخلة نشاطا خيريا كبيرا، لتقديم أفضل الخدمات الطبية والمجتمعية لمرضى السرطان، والتى كان آخرها إنشاء مركز لتسويق المتجات البيئية لمرضى السرطان وذويهم والمشاركة فى معرض المركز الثقافى الروسى، والذى حقق نجاحا كبيرا وشارك فيه عدد من الفنانين والمشاهير ومنهم الفنان أحمد السقا وهند صبرى، وحرصهما على التقاط الصور أمام معرض الجمعية، وكذلك بذل الجهود والمساعى نحو الحصول على منح لشراء سيارة لنقل مرضى السرطان إلى القاهرة وأسيوط، وتوفير مقار إقامة لهم أثناء تلقى العلاج خارج المحافظة وغيرها من الخدمات المتكاملة للمرضى وذويهم.
الفنان أحمد السقا أثناء دعمه لجمعية مرضى السرطان بالمركز الثقافى الروسى
أحمد السقا يحمل إحدى منتجات الجمعية ويلتقط صورة تذكارية أمام معرض مرضى السرطان
أحمد السقا مع أفراد جمعية علاج مرضى السرطان بالداخلة
جانب من إحدى الندوات التى تم عقدها بالمحافظة عن الوقاية من مرض السرطان
الفنانة هند صبرى تساهم فى دعم معرض جميعة مرضى السرطان بالداخلة
سيارة نقل مرضى السرطان التى تم شراؤها بالجهود الذاتية لنقل المرضى للقاهرة
وفد الطاقة الذرية بعد عقد محاضرة عن مرض السرطان بفرع القومى للمرأة بالخارجة
جانب من معرض مرضى السرطان بالداخلة
