ظلت نقابة الصحفيين على مدار السنوات منبرا للحريات ومعلم للتنوير ومصدر للإبداع حتى أصابها الذبول والانكسار وتسلل اليها أشباه المبدعين والمتطفلين من كل "الدكاكين"، التى تتاجر بشباب الخريجين عبر تصدير أزماتها إلى النقابة، لذلك تأتى هذه الانتخابات فى لحظة فارقة من تاريخها، فإما أن تعود النقابة إلى طليعة الرواد من خلال تشريعات صحفية قادرة على حماية الصحفيين وضمان حرية الكلمة وحق النقد والتعبير ضد أى مسؤول مهما كان منصبه، وإما أن تكون مجرد مبنى يقدم مجموعة من الخدمات الاجتماعية لأعضائه، ولايستطيع أن يفرق بين الغث والسمين حتى يمتلئ المكان بأشخاص لاعلاقة لهم بالمهنة والمهنية.
يجب أن يدرك المرشحون لمقعد النقيب ومجلس النقابة وجميع أعضاء الجمعية العمومية أن على النقابة واجبا كبيرا تجاه المجتمع من خلال قيادة قلاع التنوير ومشاعل الإبداع ونشر الفكر وغرس القيم الإيجابية فى المجتمع وحماية الحريات، وأن أى تفريط فى تلك القيم تفريط فى حقوق الوطن والمواطنين قبل أن يكون تفريط فى حق النقابة وأعضائها.
نعلم جميعاً أن ماتقدمه الصحافة ووسائل الإعلام يساهم بشكل فعال فى تكوين عقول ووجدان المواطنين، بعدما تقاعدت وزارة التربية والتعليم عن القيام بهذا الدور وانشغل الآباء بلقمة العيش وتركوا تلك المهمة للصحافة ووسائل الاتصال، لذلك كانت الصحافة مطالبة بقيادة مسيرة التنوير والتحديث والتطوير والتغيير وتعزيز الإيجابيات ومن خلال إبراز النماذج الناحجة والمتميزة فى المجتمع لتكون القدوة والمثل للشباب وغيرهم من أبناء المجتمع، ولكن فى ظل تراجع المهنية وسيطرة المتطفلين على المهنة ساهمت الصحافة ووسائل الإعلام فى تراجع الفضائل وتكريس السلبية ونشر ثقافة التسطيح على حساب العمق والتحليل بعد أن غرقت الصحافة فى بحور الخبر واللهث وراء الانفراد والبحث عن الإعلان.
لقد شهدت النقابة على مدار تاريخها الكثير من المعارك والصراعات وكان أهم تلك الصراعات قضية حبس الصحفيين، ولكن أهم المعارك القادمة هى عودة الصحافة إلى دورها فى البناء والتطوير من خلال المهنين الحقيقيين والقيام بدورها التربوى والتوعوى تجاه المواطنين، ونزعها من المتطفلين الذين يحاولون الإمساك بتلابيبها والسطوع على حسابها حتى تكون سلطة ذات تأثير وقادرة على تحقيق التغيير فهل سيكون المجلس القادم قادر على ذلك، نتمنى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة