عندما حطم الجوع أحشاءها، ودهس البؤس كبرياءها، وقتل حياءها، وأزال حمرة خجل وجنتيها، فلم تجد سبيلا للمواجهة إلا الانغماس فى عالم الرذيلة لتكتسب قوتها.
ابنة كفر علام، مركز منية النصر، محافظة الدقهلية، لم تخشَ الفضيحة، وذهبت بجرأة عجيبة إلى مركز الشرطة لتقديم بلاغ ضد 5 من الشباب اتفقت معهم على ممارسة الرذيلة بمقابل 50 جنيها، وبعد أن نالوا منها، تركوها وفروا هاربين دون أن يدفعوا ما اتفقوا عليه.
شيماء، أصرت على استعادة حقها - من وجهة نظرها - فلجأت للقانون، فى قضية يجرمها الشرع والقانون، دون خوف من أن تلقى مصير السجن بجريمة «ممارسة الدعارة والفجور».
قبل أن تسن سكاكينك سيدى القارئ للإجهاز على شيماء، وتستعين من مخزون الأقول المآثورة من عينة «تجوع الحرة ولا تأكل بثديها»، اسأل نفسك سؤالا، ما الذى دفع فتاة تبلغ من العمر 21 عاما، لممارسة الرذيلة بمقابل مادى، مضحية بسمعتها وغير مبالية بانتهاك شرفها؟
إنه الفقر والبؤس يا سيدى، ومذلة الديون، فالفتاة الصغيرة، لم تستطع مواجهة أعباء الحياة، فقررت ممارسة أسوأ تجارة لتحصل على ما يعينها على الحياة، باعت جسدها بثمن بخس، ولم يعد شىء يهمها أمام افتراس الجوع لأحشائها.
المحضر رقم 1434 إدارى منية النصر لسنة 2015، يعد جريمة فى حق المجتمع المصرى كله، وليس دليل إدانة لـ«شيماء»، فقد تفرغ قادته وسياسيوه ومعارضته وثواره، للمظاهرات والتخريب والتدمير، والبحث عن نصيب فى كعكة الحكم والسلطة والنفوذ، وتركوا الاقتصاد يدمر، والمصانع تغلق، وتوقف معظم شرايين مشروعات التنمية، وزاد الفقراء فقرا وبؤسا، فباعوا أجسادهم، سواء بممارسة الرذيلة، أو تقطيعها أعضاءً لمواجهة أعباء الحياة.
لقد تحول الفقر إلى وحش كاسر ينهش فى أجساد المصريين، وينكح المجتمع كله، وينال من شرفه، ويدوس بأقدامه على سمعته، والمعنيون بالأمر من سلطة ومعارضة ونشطاء وخبراء يتنازعون فيما بينهم للحصول على أكبر قطعة من تورتة السلطة والنفوذ، والمال والجاه.
شيماء ابنة كفر علام، مركز منية النصر، بمحافظة الدقهلية، فضحت المجتمع، بشكل عام والمزايدين، والمتاجرين بشعارات العيش والحرية والكرامة الإنسانية بشكل خاص، ولم يعد هناك لا عيش ولا كرامة، ولا إنسانية، وإنما هناك فقط، دهس للشرف والسمعة، وانتهاك للأعراض.
هذه الجريمة جرس إنذار، ورسالة مضمونها خطير، تؤكد أن المجتمع المصرى ينزلق بقوة إلى الهاوية، وأن الحرة لم تستطع تحمل الجوع، فقررت أن تأكل بثديها، وهنا البداية الكارثية، التى يعقبها بالتبعية، انتشار جرائم السلب والنهب، والقتل من أجل سد الأفواه الجائعة، فيما يطلق عليه ثورة جياع، سيسدد ثمنها غاليا، المعارضة والنشطاء والثوار، قبل السلطة، ثمنا باهظا.
ولكِ الله يا مصر..!!!