تعالوا نُنحّ المشاعر من حب وكراهية جانبًا، ونُعلِ من شأن قيمة العقل وفضيلة المنطق، عند التعاطى مع معلومات وتحليلات كل من الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، والدكتور توفيق عكاشة.
ربما يرى دراويش «هيكل» والنخب المثقفة أن هذه المقارنة بين الحالتين «الهيكلية» و«العكشية» ضرب من الجنون، وأنه لا يمكن مقارنة الأستاذ بأى شخص آخر سواء فى مصر أو فى محيطنا العربى، على اعتبار أن هيكل يمتلك الحقوق الحصرية للمعرفة والمعلومات والتحليلات التى تتطابق مع الواقع، بينما يسخرون من معلومات وتوقعات وتحليلات توفيق عكاشة، مالك قناة الفراعين، ولفض الاشتباك، أعزائى القراء، تعالوا نضع عينة متساوية من تحليلات وتوقعات «هيكل» و«عكاشة» فى مقارنة رصدية، لا نتدخل فيها بالرأى أو الهوى، وإنما نخضعها للعقل والواقع على الأرض، ونرصد أيهما صدق قوله وتحقق فعليا، باعتبار أن الاثنين ظاهرتان فى المجتمع، شاء من شاء وأبى من أبى.
هيكل، أقام الدنيا ولم يقعدها عندما أكد أن ثروة مبارك تصل إلى 70 مليار دولار، وأن لديه وثائق، وهى المعلومات التى أكدها فى حواره مع صحيفة الأهرام، ودفعت جهاز الكسب غير المشروع إلى استدعائه، وكانت المفاجأة أن الأستاذ تنصل من معلوماته مدعيا أنه حصل عليها مما نشرته صحف أجنبية من بينها «الجارديان»، وفى النهاية تبين عدم صحة هذه المستندات والوثائق، وهنا أخطأ هيكل مرتين، مرة بتنصله من أقواله واتهامه لصحيفة الأهرام بأنها المسؤولة عن العنوان الذى يشير إلى وجود معلومات موثقة، ومرة أخرى حين كشف أن معلوماته الموثقة لا تعدو كونها مجرد معلومات مذكورة فى دوريات أجنبية.
توقع هيكل أيضًا عدم توجيه ضربة عسكرية لليمن قبل القمة العربية التى عقدت فى شرم الشيخ، وتبين كذب هذه المعلومات، حيث بدأت الضربة العسكرية ضد العصابات الحوثية قبل القمة.
دفاعه الكبير عن الشيعة، فى إيران، وحزب الله، وزار حسن نصر الله منذ ما يقرب من عام فى بيروت، وخرج علينا بمعلومات مفادها أن إيران وحزب الله يعملان ضد المشروع الإسرائيلى، وتبين كذب هذا التحليل، حيث أظهرت الشهور الماضية بشكل واضح وعلنى، حجم الأطماع الإيرانية، التوسعية، لتحقيق مشروع إحياء الإمبراطورية الفارسية.
هذا عن هيكل، أما معلومات وتحليلات الدكتور توفيق عكاشة، فالرجل توقع خلال حواره مع الإعلامى عمرو أديب فى سبتمبر 2014، أن مصر ستخوض حربا ضد الإرهاب فى ليبيا بعد 6 أشهر، وهو ما حدث بالفعل.
توقع عكاشة أيضا يوم 22 من مارس الجارى، توجيه مصر ضربة ضد الحوثيين فى اليمن لحماية مضيق باب المندب، وأن موعد اندلاع حرب بين العرب والفرس- حسبما ذكرها نصا- قد اقترب، ولم تمر أيام قليلة لا تتجاوز الأربعة، حتى فوجئنا بتوجيه ضربة عسكرية ضد الحوثيين، تحمل اسم «عاصفة الحزم».
كما توقع أيضًا إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة، وأيضًا قيام مصر باتخاذ قرار زيادة عدد أفراد الجيش المصرى ليصل إلى 2.5 مليون مقاتل، وسينتشر فى 7 دول عربية خلال 6 أشهر، والملاحظ أنه تحقق جزء من التوقعات المتعلقة بالموافقة على إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة.
وخلاصة هذه المقارنة، تكشف حقيقة ناصعة نصوع الشمس فى كبد السماء، أن هيكل يبيع لجمهوره «الفنكوش» مغلفا بورق السوليفان الشيك، بينما توفيق عكاشة يبيع «البنبونى» فى قراطيس لب.