الغلو فى الدين إلى حد التطرّف كارثة، والتسخيف والتسفيه والتشكيك فى ثوابت العقيدة والرسل والصحابة، والرموز الدينية، كارثة أكبر.
تعالوا نقر ونعترف، من خلال الوقائع والأدلة التاريخية، أن البيئة المصرية، «حُبلى» بالتطرف وليس التسامح كما ندعى ونطنطن، ونعود بالذاكرة إلى كهنة أمون رع، الذين نثروا بذور وسماد التطرف فى الأرض المصرية، فأصبحت خصبة وقوية فى الدفع بمحاصيل التعصب والغلو، وكان كهنة «آمون رع» «أبوالآلهة» عند المصريين القدماء، على مر العصور هم الصوت الوحيد والأقوى، والمتحكم فى مصير الأشياء والعباد، ولا صوت يعلو فوق أصواتهم.
كهنة أمون رع، حاربوا ونكلوا وطردوا أخناتون الذى جاء مبشرا بديانة التوحيد، فهاجر وترك لهم طيبة «الأقصر» وتوجه إلى تل العمارنة فى المنيا، ثم ناصبوا العداء الدامى لسيدنا موسى، ثم قرروا تأليه الفرعون، والتبشير بديانته، وعند دخول المسيحية مصر، تشبعت من سماد التطرف، لتصبح كنيسة الإسكندرية الأكثر تطرفا، عكس الكنيسة الغربية، وما حدث فى المجمع المسكونى منذ قرون، يشيب له شعر الأجنة فى بطون الإمهات، عندما مارست كنيسة الإسكندرية، التهديد والترويع وفرض أفكارها بالقوة حينذاك.
وعندما دخل الإسلام مصر بمدارسه المختلفة ومنها المدرسة الفاطمية، دشنو للغلو والتعصب، واستمر الحال حتى ظهرت جماعة الإخوان الإرهابية عام 1928، واتخذ التطرف منحى أخطر، وشوه صحيح الدين، وصورته السمحة، وزادت عملية التشويه مع وصول الجماعة للحكم، فسطروا عاما أسود، ليس على صفحات تاريخ مصر فحسب، ولكن على صفحات التاريخ الإسلامى كله.
رأينا زمرة التكفيريين، والمتعصبين، والمتطرفين، من عينة حازم أبوإسماعيل، وكل أعضاء جماعة الإخوان، وطارق الزمر وعاصم عبدالماجد، ووجدى غنيم، وأبو إسلام، وصفوت حجازى، وغيرهم من الذين كانت تعج بهم منصة رابعة، أرسوا مبادئ جديدة للدين، لم نسمع عنها، ورأينا فرقا من عينة، داعش وجماعة أنصار بيت المقدس وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة، يقتلون ويحرقون ويفجرون، ويغتصبون النساء،باسم الإسلام، ويجاهدون فقط فى بلاد المسلمين.
وعلى النقيض رأينا، شخصا آخر، يدعى إسلام بحيرى، حمل لواء التنوير، ثم ما لبث أن حصل على فرصته وتمكن، وجدناه أكثر غلوا وتطرفا من عاصم عبدالماجد ووجدى غنيم، فى وجه آخر، وهو التسفيه والتسخيف والطعن فى الصحابة، وكتب السنة، والتشكيك فى الثوابت، ويتبنى خطابا «استهزائيا»، من الأئمة الأربعة، ويصف الإمام أحمد بن حنبل «بحمادة».
نهج إسلام بحيرى، من الهجوم الحاد وغير المبرر على الصحابة، يصب فى مسار الشيعة المتطرفين والمتعصبين، أيضا، ويثير البلبلة، لأن تنقية كتب التراث، وتطهير الخطاب الدينى من كل شوائب التطرف والمغالاة، لا يمكن أن ينطلق من قاعدة التسفيه والتسخيف من الصحابة والتابعين، والتشكيك فى ثوابت الدين، ولكن من خلال تبنى خطاب هادئ ومحترم، ومتأدب، لكى يصل ويقتنع به الناس.
والخلاصة، أنا لا أرى أى فرق بين من يكفرنى ويقتلنى ويحرقنى من أمثال بديع وجماعته، وعاصم عبدالماجد ووجدى غنيم، وبين من يسفه ويسخف، ويشكك فى ثوابت الدين والعقيدة، ويهين الصحابة والتابعين من أمثال إسلام بحيرى وفرقته،
إسلام بحيرى هو الوجه الآخر من عملة وجدى غنيم، والسؤال، ألا يوجد بيننا مبشرون بالوسطية، وإظهار الوجه السمح الحقيقى للدين؟؟!!