حالة التوحد المطلوبة بين أطياف الشعب العراقى فى الحرب على تنظيم "داعش" أصبحت مهددة أمام ضغوط التدخل السافر سواء الإقليمى أو الدولى على أرض المعركة.. حتى تحول شعار الحرب ضد "داعش" إلى حرب يخوضها كل طرف خارجى دفاعًا عن مصالحه.. بل إن بعض الأطياف المحسوبة على العراق استغلت التحرير لمصالحها مثل البيشمركة- قوات المقاتلين الأكراد- والحشد الشعبى.
أسابيع طويلة مرت على مناشدة عشائر محافظة الأنبار للحكومة سرعة إمدادهم بالتسليح المطلوب لمواجهة "داعش" التى يتراوح تصنيف أسلحتها بين الثقيل إلى المتوسط، والحكومة تكتفى بالتباطؤ وتشكيل اللجان والوعود فى تلبية مطالب العشائر التى يتميز أفرادها بقدرات قتالية. مظاهر التخبط التى شابت عملية تحرير الأنبار كشفت عن قصور فى الشق الأمنى نتيجة عدم وجود سياسة عسكرية مدروسة، بالإضافة إلى عدم توفير الكم المطلوب من الأسلحة والمعدات للجيش الوطنى العراقى. الشق السياسى للعملية كشف أيضا عن تخبط فى معالجة تداعيات هذه الحرب.. بداية من دعوة غريبة تظهر ثم تختفى عن فرض وجود "كفيل" يضمن عوائل النازحين من المناطق التى تشهد معارك إلى أى مدينة عراقية! وهى فكرة غير مجدية، بالإضافة إلى أن ذريعة المخاوف من اندساس عناصر من "داعش" بين عشرات الآلاف من النازحين هى مهمة الأجهزة الأمنية فى التحقق من هويتهم، خصوصًا أن العشائر هى مجموعة عوائل يعرف كل منها الآخر. كما أثار ما تردد عن تسكين النازحين منطقة سجن "أبو غريب"- السىء السمعة- المزيد من المخاوف لارتباط هذا المكان بتاريخ من التنكيل الوحشى، إذا اقترن بمخاوف من تغذية إيران إعادة تشكيل التوزيع الديموغرافى لسكان محافظات العراق الذى حافظ عبر تاريخه على توزيع متوازن بين سكان محافظاته يضمن التجانس بين مختلف الأطياف.. وهو ما تسعى إيران إلى تغييره ضمن محاولاتها إلغاء هوية الشعب العراقى.
كان على الحكومة التخطيط مسبقًا قبل تفاقم مأساة النازحين خصوصًا أنها معرضة للتزايد مع تحرير كل محافظة، على الأقل عن طريق توفير مخيمات تستوعب أعدادهم، مع العمل سريعًا على عودتهم إلى محافظاتهم الأصلية فور انتهاء العمليات العسكرية كى لا تصبح "داعش" هى المستفيد الوحيد من تصاعد هذه المأساة الإنسانية.
المؤكد أن الحكومة العراقية تلقت مؤخرًا عدة إشارات من البيت الأبيض تقرن المساعدات المطلوبة بإجراء شكل من التوافق السياسى بين الأطياف العراقية- بعيدا عن الضغوط الإيرانية- بما يضمن تحقيق التوازن بين دور التحالف الدولى بقيادة أمريكا و قوة عراقية متوحدة تحت قيادة الجيش العراقى.. وهى الورقة الوحيدة التى تدعم الحفاظ على التقدم الذى حققه الجيش وتكون حائط صد أمام مناورات "داعش" فى أن يكون تراجعها عن المناطق المحررة لمجرد أسباب "تكتيكية".
الأنبار معركة فاصلة فى حرب العراق ضد "داعش" إذ يعتبر تحرير هذه المحافظة المفتاح إلى المعركة القادمة فى مدينة الموصل يتم بعدها دفع "داعش" نحو الحدود العراقية إلى سوريا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
العواطف لا تحل مشاكل ولا تبنى مستقبل
بدون