لفترة طويلة ظل إمام مسجد كبير يدعو الله فى صلاة الجمعة، قائلًا: «اللهم أرسل لنا صلاح الدين لتحرير فلسطين»، فاستجاب الله لدعواته، وخرج الناس من المسجد فى أحد الأيام فوجدوا صلاح الدين على حصانه يدعوهم للذهاب معه لتحرير القدس، لكنّ المصلين اعتذروا، فأحدهم عنده موعد مع الطبيب، والآخر مرتبط بحفل عيد ميلاد زوجته، وثالث عليه أن يأخذ أولاده للنادى، فلم يجد صلاح الدين أحدًا يذهب معه لتحرير القدس، فصعد للسماء مرة أخرى. وفى الجمعة التالية غيّر إمام المسجد دعاءه، قائلًا:
«اللهم أرسل لنا صلاح الدين ورجاله الذين كانوا معه». على ذلك، فإن رجاله الذين معه هم شرط أساسى لتحقيق أى نجاح لأى قائد أو زعيم أو رئيس، فالإنجازات الفردية مكانها على القهوة فى الطاولة، لا مكان لها فى السياسة، أو فى حكم الشعوب، لذلك تتحدد براعة أى قائد فى اختيار أعوانه ووزرائه ومساعديه ومستشاريه، والتاريخ لم يرحم جمال عبدالناصر بسبب أخطاء رجاله ووزرائه، رغم أنهم جميعًا من الضباط الأحرار، ولم يسلم أنور السادات رغم إنجازاته من أوزار أعوانه، والثورة فتكت بمبارك لفساد بلاطه وأصدقائه، خاصة المسؤولين من رجال الأعمال، ولم تكد الثورة تهدأ إلا واشتعلت مرة أخرى لهيمنة عناصر الإخوان على المناصب والسلطة فى كل مكان، لذلك فقدرة الرئيس على اختيار رجاله معيار أساسى وفاصل فى نجاحه، واستمراره، وإخفاقه فى هذه الاختيارات قد يمحو كل إنجازاته، ويقلل من أعداد مؤيديه، لذلك قالوا قديمًا إن «صلاح الملك من صلاح رجاله»، والصلاح هنا لا يعنى التقوى فقط، بل أن يكون المسؤول صاحب رؤية للتطوير، وحلول مبتكرة لحل المشكلات، ويمتلك القدرات المعرفية والعلمية والمقومات الشخصية التى تخدم منصبه، والأهم من كل ذلك السمعة، فما أسوأ أن يتولى المسؤولية من تنالهم الشبهات.
ورغم ثقة الغالبية فى قدرات الرئيس عبدالفتاح السيسى، فإن الكثيرين يعتقدون أنه أسرع بكثير من رجاله، ويمتلك حماسًا ورؤية يفتقدها أعوانه، ويستشهدون فى ذلك باستمرار أغلب المشاكل القديمة، وعدم وجود حلول واضحة لتلك المشاكل، بل إن بعضها يتفاقم ولا يوجد برنامج أو مخطط جاد لحلها، بل إن أغلب المسؤولين لا يملكون إلا إعطاء وعود زمنية، مثل وزير الرى الذى تجمع حوله أهالى كفر الشيخ للشكوى من أن مياه الرى أصابتهم بالفشل الكلوى، فرد عليهم الوزير متفائلًا: «اصبروا علينا عامين»، فإذا صبر الأهالى عامين، فهل سيصبر عليهم الفشل الكلوى؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
منى قاسم
رائع كاتبنا الكبير سامح جويدة
مقال جدير بالاحترام