أيمن يوسف مرقص، شاب مصرى من قرية كفر درويش مركز الفشن فى بنى سويف، أفقر محافظات مصر، يعمل فى الأردن وضع على حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك صوراً مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، فيراها بعض من شباب القرية التى يسكنها حسب إحصاء عام 2006، 6124 نسمة منهم 3052 رجلا و3072 امرأة، ولم يحدد الإحصاء نسبة المسلمين للمسيحيين، فيقرر هؤلاء الشباب أن يدافعوا عما يتصورونه دفاعا عن الدين ورسولهم فيهاجمون أسرة الشاب الغائب ويحاولون إشعال النار فى البيت بأهله، فيتم الاتصال بالأمن الذى يتحرك سريعاً لتطويق بيوت المسيحيين ويتبع ذلك جلسة بين كبار العائلات تنتهى بضرورة تهجير أسرة الشاب لمدينة الفشن بعيدا عن القرية وتقرر إغلاق صفحة الفيس بوك الخاصة بالشاب، ولكن تظهر عناصر من خارج القرية لتعيد إشعال الموقف بحرق بيت لفلاح مسيحى على أطراف القرية يدعى فوزى ناشد، وهنا يسرع الأمن ثانية فتعقد كبار القيادات الأمنية جلسة صلح تحاول بها رأب الصدع ولو مؤقتًا، ثم أخيرا يجتمع المحافظ ورجال دين وكبار العائلات وتعود أسرة الشاب المسيحى فى حراسة الأمن ويستقبلها بعض أهالى القرية بصور تنشرها الصحف مؤكدة أن الأمور استتبت، وأن المسلمين والمسيحيين فى أحسن حال وعادوا للوئام والجيرة الحسنة ثانية.
هذه قصة متكررة مع تغير الأسماء سواء أفراد أو قرى، لذا فإن الصمت عليها صمت على جرح لابد من تنظيفه وإلا فسيسبب غرغرينا، ومصر يكفيها ما فيها من جروح، والأهم أن للمرة الألف بعد المائة يتحمل الأمن ووزارة الداخلية هم مهمة ليس هو المنوط بها، وقد بُح صوتنا وبُريت أقلامنا منذ زمن أن تحميل قوات الأمن حل كل أزمات مصر دون الأجهزة الأخرى المنوط بها التعامل مع هذه المشكلات هو خطأ فادح ندفع جميعا ثمنه فى لحظة ما وأكثر من يدفع الثمن دائما هو قوات الأمن ووزارة الداخلية.
هذه المشكلة ومثلها كان من الممكن أن تنتهى فى مهدها مع الوضع فى الاعتبار طبيعة الصعيد وأهله، بداية من العمدة وشيخ الجامع وهو المفروض معين من وزارة الأوقاف، مرورا برئيس مجلس المدينة خالد عويس وصولاً للمحافظ محمد حفنى سليم، كلهم مدانون بالتكاسل والتواكل على الأمن لحل مشكلات اجتماعية وطائفية وتعليمية ونوعيات أخرى من المشكلات لا يجب أن يتحملها ولا هو مؤهل لتحملها وخاصة مع ظروف مصر الحالية.
المحليات بكل ما فيها وأجهزة أخرى فى الدولة تنام وتستغرق فى النوم معتمدة على العين الساهرة، الأمن، أن يحل مكانها فى كل شاردة وواردة، وخبر أن القيادات الأمنية اجتمعت بكبار العائلات لحل المشكلة الفلانية يجب أن يختفى من قاموسنا لأن القيادات الأمنية ليست مهمتها حل المشكلة الفلانية، القيادات الأمنية عملها يجب أن ينحصر فى تنفيذ القانون والتأكد من تطبيقه فقط لا غير.
والأمر الآخر المرتبط بهذه القضية هو مواقع التواصل الاجتماعى التى لا سلطان على أى موتور مجنون أو مخرب أن يستخدمها فيما يحلو له، وبالتالى فحدود تأثيرها يجب أن يعلم الناس أن يبقوه داخلها، فلو أن شباب هذه القرية ردوا على هذا الشاب من خلال الفيس بوك، فصار الأمر خناقة على الفيس أو حتى بلاغ للجهات الأمنية ضده ما كان الأمر تطور لهذا الوجع فى قلب مصر بل الوجع فى عقل وقلب الأمن، الذى نحتاج عقله وقلبه لأمور مصيرية أكبر من فتى تافه هنا أو هناك.
الجهل والتعصب وقصور فكر وتصرف المسؤولين المحليين وغياب التنوير الإعلامى كلهم مسؤولين عما يحدث وربما سيحدث فى قرية هنا أو هناك من قرى مصر ولا يبقى إلا الأمن ليحمل أوزارهم جميعا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الكاتب احمد المالح
همسة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
مالطه
وحضرتك بتاذنى فى مالطه