سألنى صديقى حامد جبر، القيادى بحزب الكرامة ورئيس مجلس إدارة جريدة الكرامة: «هل يوجد مفهوم واضح ومحدد لمعنى المعارضة فى مصر؟»، وأضاف: «هل نعيش الآن مرحلة الكيد السياسى، ولم يعد لدينا أفكار بناءة تطرحها المعارضة؟».
انتبهت للأسئلة وكأنها لم تمر علىّ من قبل رغم سنوات عمرى التى قضيتها معارضا، حالة الانتباه ذكرتنى بالكثير مما كان يقال أيام حكم مبارك عن المعارضة، كانت هناك أسئلة من نوع: «ماذا تقدم المعارضة؟»، وآراء من عينة: «المعارضة ليس عندها غير الكلام».
ولأن نظام مبارك كان تشخيصه: «مستبد وفاسد» كانت المعارضة لا تلق عناء فى الرد على الاتهامات الموجهة إليها، كما أن مبارك بأركانه كان يقدم كل فترة فعلا سياسيا واقتصاديا يعطى زادا للمعارضة فى معاركها.
وأعود إلى الصديق حامد جبر وسؤاله الذى يطرحه مدفوعا بحالة الجدل التى طرحها البعض حول مشروع قناة السويس، فمن قائل بأنها «تفريعة» إلى قائل بأنها «قناة جديدة»، ومن قائل بأنها «مشروع وطنى عظيم» إلى قائل بأنها «إضافة عادية»، وبين هؤلاء يوجد صنف ثالث لا يرى أن شيئا جديدا يحدث فى مصر.
التقسيمات الحادة فى النظر إلى مشروع نقلت معها جدلا من نوع، هل يحق للفرحان بالمشروع أن يفرح؟ وهل يحق للذى شارك فى حضور الافتتاح أن يحضر؟ وهل يحق للذى مدح المشروع بالكتابة أن يمدح؟ وهل يحق للدولة فى سلوك احتفالاتها أن تظهر بهذا الشكل الذى رآه البعض مبالغا؟.
البعض قدم إجابة جاهزة بتوزيع اتهامات هنا وهناك، من باب رفضه للمشروع، لكن اللافت فيها أنها تقوم على رفض مسبق لـ«السيسى»، وبالتالى فإن كل شىء يأتى منه هو خاطئ، والنهج على هذا النحو يعبر عن «حول كبير»، ويدل على «الكيد السياسى»، لأنه لم يتناول المشروع كحالة سيتم إضافتها إلى رصيد مصر السياسى والاقتصادى، فبالحسابات السياسية نحن أمام إنجاز يأتى رغم العواصف السياسية المعاكسة التى تعيشها المنطقة، وبالحسابات الاقتصادية فإنه إذا تم إنجاز مشروع يسهم فى زيادة مواردنا فهذا يساوى تقدير، وإذا أنجزنا مشروعا يخلق مشروعات أخرى إلى جواره فهذا يساوى إنجازا، وإذا كان كل ذلك متوفرا فى مشروع قناة السويس، فلماذا يتجاهله الذين يتجاهلونه؟
هذا السؤال أعتقد أنه هو جوهر سؤال صديقى حامد جبر: هل يوجد مفهوم واضح لمعنى المعارضة؟