من أكثر ما يستدعى، إحدى موجات السخط، فى الجلسات السياسية، وتغليظ حناجر جمع من الحاضرين، هو الاقتراب من الأحزاب، مدحاً أو ذماً، فالشخصيات الحزبية يطغى على حديثها دائماً التذمر والشعور بمظلومية الأحزاب، وكيف يُحملها الجميع مسؤولية تردى الأداء السياسى بشكل عام، وأن فى ذلك إجحاف شديد بها، وقد أُسست حديثاً نسبياً، إبان ثورة 25 يناير 2011، أما عن الشخصيات المستقلة، فلا تكف حديثاً عن أحزاب غائبة عن الشارع المصرى، فتصفها بالهشة، والكارتونية، والورقية، وغيرها من مصطلحات الشكلية، ليتطرق البعض بعيداً عن الأحزاب، لمناقشة تطلعات الفئات المجتمعية المتعددة، بشكل لا يخلو من متاجرة، فى بعض الأحيان، بمعاناة هذه الفئات، فبالفعل كل فئة لديها حجم من المشكلات، لأن الوطن كله يعانى من ميراث الماضى، لكن للأسف، يتم تصدير مشاكل كل فئة على أنها الأخطر والأولى بالرعاية، فتطغى الـ «أنا».
فما هذا إلا انعكاس لتردى الأداء الحزبى والسياسى القائم، فقد اقتربنا من المائة حزب سياسى، فهناك البعض منها - لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة - تحاول أن تصنع شيئاً، لم تنجح فيه بعد، وهو وجود قوة ضاربة لها فى الشارع، حيث يُقدر بتأييد الملايين وإيمانهم بأهداف الحزب وبرنامجه وطموحاته، وهو ما لم ينجح فيه أى حزب قائم حتى الآن، فهناك من جموع الشعب المصرى، حوالى 800 ألف فقط، ينتمون لأحزاب مختلفة، وهى نسبة ضئيلة جداً، فلا يمكن من خلالها، بناء نظام حزبى سليم، لنرى الأحزاب، فى مولد الانتخابات البرلمانية، تتسارع لضم المستقلين، فى الأحياء والمحافظات المختلفة، فى مقايضة، يدفع من خلالها الحزب جزءا أو كل مصاريف الدعاية الانتخابية، فى مقابل الانتماء الحزبى، بعيدا عن الانتماء الفكرى، ليكون للحزب من مقاعد البرلمان ما يحفظ به ماء وجهه.
فما هذا إلا فشل صارخ للأحزاب، فلن ننجح فى صناعة ديمقراطية حقيقية وتعددية، وتداول ناجح للسلطة، ولن تستقيم الحياة السياسية إلا باستقامة الحياة الحزبية، فنحن فى أمسّ الحاجة، بعد انتهاء موسم الانتخابات إلى إجراء حوار مجتمعى جاد، لإصلاح، بل لإعادة بناء الحياة الحزبية فى مصر، وتذليل كل العقبات التى تواجهها، فتنشأ الأحزاب بشكل مؤسسى، فلا تسمى بشخص صاحب الدكان، فيدفع الحزب دائماً، ثمناً سياسياً لمواقف مالكه، ولا يطغى عليه المال السياسى، ليتحكم فى سياسات ومواقف الحزب، عائله المالى، فتصبح كلمته النافذة فوق أى نظام داخلى أو لائحة للحزب، وهو ما يفسر أسباب عزوف الشباب عن المشاركة الحزبية.
وختاماً، يبقى من الفرائض الوطنية ولزاماً على الجميع أن نعمل بمنتهى الجد والتفانى، لننجح فى إحداث فارق، فيما هو قادم بعد الانتخابات الحالية، فيكون لدينا حياة حزبية سليمة، تفرز لنا نخباً سياسية قوية، ومعبرة بشكل فعلى عن أطياف الأمة، تتبادل فيما بينها السلطة والمعارضة، فلا تكون الانتخابات البرلمانية، «مولد» بل منافسة فكرية معتبرة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة