يصف الناشر رواية "تاريخ روحى" لسليم مطر، بالقول "هذا الكتاب يمكن مطالعته كرواية متتالية الأجزاء أو كقصص مستقل بعضها عن بعض، هذه الرواية القصصية هى خلاصة قصص المؤلف لمرحلة كاملة دامت أكثر من عشرين عاما (1990- 2010) مرحلة موسومة بانكسارات وانتصارات وخيبات وأحلام شاعرية استحالت إلى كوابيس، تحكى تاريخ كائن منذ وجود الكون، ثم صيرورته كإنسان وتقمصه العديد من الحيوات والشخصيات خلال مختلف العصور حتى وقتنا الحاضر".
وفى كل أطوار حياة هذا الإنسان عبر التاريخ وكل أشكال "تجلى" إنسانيته نلاحظ استمرارية لا فى الأحلام والهواجس والشهوات والرغبات فقط، إذ كانت تتجسد باستمرار فى صور وأشكال مختلفة، بل أيضا من خلال دورى "البطولة" فى الرواية، وهما للبطل آدم والبطلة حواء اللذين احتفظا باسميهما كما هما منذ البداية.
حواء ومنذ قصة "جنة عدن" هى العامل المحرك والدافع الذى يجعل آدم يحلم ويطمح ويقوم بأفعال وتصرفات مختلفة. وكما يكون الدافع عادة "خفيا" مستترا بينما تظهر الأفعال والتصرفات إلى العلن.
يبدأ الكتاب بقصة خلق الإنسان كما وردت فى بعض آداب وأساطير ما بين النهرين ومن ثم انعطافا على قصة الخلق كما وردت فى الديانات التوحيدية مرورا بأكل التفاحة المحرمة، ومن بعد ذلك ينتقل إلى قصة قابيل وهابيل ولدى آدم وقتل قابيل لأخيه هابيل ثم البكاء عليه كما ينسحب ذلك على مآسى البشرية المستمرة حيث يقتل الأخ أخاه.
حمل هذا الفصل عنوانا "مناجاة قابيل: رحماك يا رب.. قتلت أخى"، وبعد العنوان مقدمة وإهداء يشملان الماضى والحاضر فى العراق الحديث والعالم كله، وقد جاء فيهما "الأرض فجر الإنسان، إلى أرواح جميع إخوتى فى الوطن وفى الأرض جمعاء، الذين قتلهم إخوتى فى الوطن وفى الأرض جمعاء.
وينتقل إلى عنوان آخر هو "عشق الأبطال.. سواحل البحر المتوسط قبل الميلاد"، ويخصص عنوانا فرعيا هو "المحارب القرطاجى"، صدره بمقدمة موحية إذ تربط بين الماضى والحاضر. قال "ألقى هانيبعل آخر نظرات الوداع نحو مدينته المحترقة.. بينما سفينة الغزاة ترحل به إلى منفاه المجهول، اشتدت حرائق روحه، وهو يشاهد من بعد أميرته الحبيبة ونبلاء قرطاجة يستقبلون الغزاة بكل خنوع وذل".
وينتقل منها إلى حكاية يوسف بعنوان "أنا يوسف يا زليختي.. ويحك أما تهب على قلبك أنسام حنين؟"، ثم من التراث قصة "مخاض بغداد"، وبعد أن ينتقل إلى بغداد القرن الحادى عشر، يحملنا الكاتب من هناك إلى أيامنا الحاضرة فيكتب قصة ساخرة ومخيفة بعنوان “حبيبتى والكلب.. بغداد 1970" ثم ينتقل إلى دمشق عام 1979 ومنها إلى لبنان مع جماعة من الثوار العراقيين للتدرب مع الفدائيين الفلسطينيين من أجل الإطاحة بالحكم فى بغداد،وفى بيروت 1980 بعنوان "صديقى الذى غدرت به" يصف سليم مطر البراءة المستغلة بشكل مؤلم، وينتقل من هناك إلى روما فى حياة تسكع وهرب من الظلم، اسم البطل آدم منذ البدء ودائما ترافقه قصة الحب الأول فى أشكال مختلفة والحبيبة دائما اسمها حواء.
فى قصة "السيدة الأوروبية وحراس المطار.. جنيف 1989" وصف مؤثر لحاجة هذا المشرد طالب اللجوء السياسى إلى عاطفة تتجاوب معه إنسانيا، وتشعر بمأساته، وقد حدث ذلك من خلال امرأة طيبة تمثل منظمة إنسانية لمساعدة طالبى اللجوء.
قبل الختام يروى الكاتب قصة شيقة عن "أشباه" الرئيس العراقى الذين يستخدمون لتضليل من يريد اغتياله، ويوصلنا إلى حال لا يعود الإنسان فيها قادرا على التمييز بين الوهم والحقيقة فى جو شبه كابوسى، ثم فى النهاية يكتب من جنيف سنة 2000 "الفصل الأخير من حياة إنسان اسمه صدام"، استطاع سليم مطر إلى حد بعيد أن يربط الماضى بالحاضر، وأن يجعلنا نكتشف أن مشكلات الإنسان تتكرر متشابهة فى الجوهر مختلفة فى الشكل والمظهر.
موضوعات متعلقة..
استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات فى العروض المتحفية بمركز توثيق التراث
