منذ اللحظة الأولى التى قرر فيها شركاء ثورة 25 يناير أن يستريحوا بعد اليوم الثامن عشر، ثم استفاقوا للاشتباك فى معركة تقسيم الغنائم، وبات واضحا أن عيون نظام مبارك قد أصابتها لمعة تقول بأن العودة قريبة.
الآن وبعد أن كرر شركاء 30 يونيو نفس المشهد السابق، وبعد أن قرر بعض أهل المال والإعلام والسياسة أن يتنمروا فى وجه الدولة التى لم تمنحهم العطايا التى كانوا ينتظرونها مقابل ما يتهمون بأنه مشاركة فى إزاحة الإخوان مثل عكاشة وحازم عبد العظيم وغيرهم، لم يعد أمر رجال مبارك قاصرًا على مجرد لمعة أو حلم، بل يتم ترجمتها الآن فى خطوات تشهدها الساحة السياسية، فى ظل «الخيبة التقيلة» للأحزاب المصرية، ووقوع معظم وسائل الإعلام المصرية تحت وطأة رأس المال المرتبط بشكل أو بآخر مع بقايا رجال أعمال نظام مبارك.
رجال مبارك ومن خلفهم أنصار شفيق يقفون هناك، داخل منطقة ما مظلمة، يخططون لإفساد المشهد السياسى الحالى، وللمفارقة لاتخاذ الثورة مظلة يهاجمون من أسفلها السلطة الحالية، ليجد بعضنا نفسه واقفا فى صف مبارك ورموزه، بينما يغلبه الظن أنه محارب لهم وللسلطة القائمة.
ولأن الأحزاب السياسية الحالية لا أمل فى أن تملأ الفراغ الذى يزحف رجال مبارك وشفيق لشغله، ولأن وسائل الإعلام فى أغلبها يسيرها غرض غير الغرض الوطنى، لم يعد أمامنا للتخلص من أشباح الماضى سوى حركة تطهير لن يستقيم بدونها أى بناء.
على السلطة، وعلى رأسها الرئيس، أن تتخلص من كل هذه الوجوه أن تتخذا موقفا أكثر حزما وحسما، ومن كل الوجوه الإعلامية الفاشية التى تحرض على الخصوم والمعارضين فتنشر فى الأجواء إيحاء بأننا فى دولة الصوت الواحد، ثم تعود لتنقلب على الرئيس وتضرب فى منظومته وتضره أكثر من الضرر الذى يسعى إليه خصومه حينما لا تجد من وراء توددها مغنما، يجب نسف كل هذه الرقاب التى تعود إلى الظهور ظنا منها أن نظامها القديم يعود.
فى برامج الطب والصحة ينصح دوما الأطباء بتطهير الجروح، ويرددون حقيقة علمية تقول، إن التئام الجرح دون نظافة جريمة طبية، وإعادة لملمة أشلاء وجروح هذا الوطن دون تطهيرها من بقايا دولة مبارك السياسية والإدارية والإعلامية والاقتصادية، جريمة سياسية.
بقايا دولة مبارك ليست مجرد وجوه معروفة الأسماء عادت لتتكلم هنا أو تكتب هناك، بل هى أسلوب حياة يسيطر على عدد كبير من كبار المسؤولين ورموز السياسة فى الدولة، وهؤلاء الذين يعتمدون مبارك منهجًا وأسلوب حياة أخطر بكثير من أولئك الذين نعرف فسادهم بالصوت والصورة.
هذه هى الدولة التى نريد التخلص منها، دولة المتاجرة بمشاعر البسطاء الوطنية، دولة الجعجعة ومعارك نساء المصاطب بحثًا عن الشهرة، هذه الدولة التى لا نريدها، لا نريد من كبار مسؤوليها أن يتصرفوا على طريقة الدجالين، ولا من أهل إعلامها أن يتحركوا طبقا لبوصلة المصالح لا بوصلة الوطن.
«الجعجعة» والحركات الدرامية لم ولن تكون أبدا مرادفا للوطنية أو الغيرة على مصر، نحن فى حاجة إلى إدارة واعية، ترد بالحجة والبرهان، لا على طريقة «خدوهم بالصوت»، هؤلاء الذين عجنتهم دولة مبارك بأخلاقها، ويطل بعضهم الآن عبر نوافذ حزبية تدعى الثورية لا تملك شيئا تقدمه سوى هذا المعنى، معنى «تعبئة الهواء فى قزايز»، والرئيس وعد من قبل بأن العمل هو منهجه، وأول هذا العمل النسف.. انسف هؤلاء الدببة وتخلص من مخالبهم، تخلُ لك النفوس من سوء الظن.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
hamid
الله عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اولي بك ان تكتب عن الاحزاب الدينيه بعلم الوصول
عوده مصر الي ما قبل عالم الانسان