يظل الرجل طفلا، حتى تموت أمه فإذا ماتت، شاخ فجأة
قال الطبيب، بنى منذ العاشرة صباحا وهى تنتظرك وقد أوشكت الشمس على الغروب، لم أمر بموقف مثل هذا طول حياتى كطبيب، ساعات طوال وهى تصارع الموت وترجوه ناطقة باسمك أن تراك...
اعتقد الفتى أن الطبيب يبالغ فى قوله، فجلس بجوارها وأخذها فى حضنه، ابتسمت له وقالت الحمد لله أننى رأيتك، تحدث إليها بما كان يفعله فى يومه دقائق كثيرة مرت عليه وهو يتحدث معها حوار من طرف واحد وهى بين أحضانه، شاخصة البصر تنظر إليه..
رفقا بنفسك، رنت كلمات الطبيب فى أذنيه (وهو يربت على كتفيه) فقطعت حديثه معها، بنى لقد توفيت إلى رحمة الله فى اللحظة التى رأتك فيها..
لحظة صمت رهيبة مرتّ عليه كأنها أعوام، تجلّت فيها معنى الاضطراب والتشتت فى أوضح صورها، نظر لها وهى بين أحضانه قابضا على يدها، ثم أدار بصره للطبيب والحضور من حوله وهاله أنهم تحولوا لأشباح بشر، دون ملامح محددة ثم انهمر فى بكاء لم يعهده من قبل ولا يعرف يقينا كم استمر.
ام وابن - أرشيفية
