محاولة جديدة تقوم بها إسرائيل للرد على القرار الذى تبنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، مؤخراً، والذى يؤكد على أن القدس مكان وتراث إسلامى، فهذه المرة لجأت إسرائيل إلى خلق آثار "مزيفة" لتؤكد على علاقتها التاريخية بالقدس.
ففى الأيام الماضية تزايد الحديث فى وسائل الإعلام الإسرائيلية؛ حول العثور على قطع أثرية لليهود فى القدس، إلا أن الرد على هذه المزاعم جاء من جانب علماء أثار إسرائيليين مختصين أكدوا أن هذه الاكتشافات "مزيفة".
فبحسب موقع موقع المصدر الإسرائيلى، زعم علماء آثار إسرائيليون، الأربعاء الماضي، أنهم عثروا على "بردية" ترجع إلى ألفين و700 سنة، كتب عليها بالعبرية "يروشَالِمه"، وهو الاسم العبرى لمدينة القدس، مشيرين إلى أن هذه "البردية" المزعومة تسلط الضوء على "العلاقة التاريخية لليهود بالقدس".
هذه البردية قال علماء الآثار الإسرائيليون أنها أول قطع أثرية صغيرة تم اكتشافها فى الحرم القدسى خلال عمليات التنقيب والحفر التى تقوم بها سلطات الآثار الإسرائيلية، مشيرين إلى أن تاريخها يعود إلى فترة الهيكل الأول قبل أكثر من ألفين و600 عام، وفق ما أورده موقع "تايمز أوف إسرائيل".
وقال يوفال باروخ، رئيس منطقة القدس فى سلطة الآثار الإسرائيلية: إنها المرة الأولى التى نعثر فيها على قطع أثرية من هذه الفترة فى موقع على جبل الهيكل".
من جانبه أكد الباحث المختص فى علم الآثار، عبد الرازق متاني، المقيم بفلسطين المحتلة عام 1948، أن مزاعم إسرائيل حول اكتشافات أثرية مهمة ليس له أى قيمة علمية أو أثرية؛ لأن علم الآثار الإسرائيلى المسيس لا يعتمد المنهجية العلمية، ويفتقد للمصداقية والموضوعية.
وأضاف "متانى" فى تصريحات لموقع "عربى21" أن إسرائيل تعمل على تسخير اكتشافاتها الكاذبة والمزيفة بما يخدم روايتها التوراتية فى مدينة القدس، موضحاً أن الحفريات الجدية التى أجريت فى مدينة القدس أسفل المسجد الأقصى؛ أثبتت أنه لا توجد لهم أى آثار ذات قيمة علمية، وهو ما اعترف به العديد من علماء الآثار الإسرائيليين.
وأشار "متانى" إلى أن جمعية العاد الاستيطانية المتطرفة، التى تعمل على تهويد القدس، هى التى تشرف على الكثير من أعمال الحفريات والبحث عن الآثار اليهودية فى البلدة القديمة وأسفل الأقصى وتمولها، وبذلك ينكشف الهدف من الحديث عن تلك الاكتشافات الكاذبة.
وأضاف "متانى": نحن بحاجة إلى ترسيخ الرواية التاريخية الأثرية الصحيحة، وتعليمها للأجيال، وفضح ما يقوم به الاحتلال من تزييف للتاريخ، معرباً عن حزنه الشديد بسبب تهميش العرب والمسلمين لعلم الآثار، وهو علم أساسى.
ولفت "متانى" إلى أن الاحتلال الإسرائيلى إلى جانب تجنيد علم الآثار؛ فإنه يجند السياسة والتاريخ وكافة العلوم، من أجل خدمة أهدافه التهويدية، وفرض الهيمنة اليهودية على المدينة المقدسة.
من جانبه؛ أوضح ناجح بكيرات، رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث، أن حديث دولة الاحتلال حول العثور على آثار تاريخية يأتى فى معرض الرد على قرارات "اليونسكو" الأخيرة؛ عبر خلق ذرائع وأدلة غير حقيقية؛ لإثبات وجود اليهود التاريخى فى مدينة القدس، حيث أن منظمة "اليونسكو" نفت مؤخراً أى علاقة لليهود بالمسجد الأقصى المبارك، ورفضت إطلاق التسمية اليهودية "جبل الهيكل" على الأقصى.
وقال "بكيرات" إن دولة الاحتلال تقوم بتوزيع الأدوار بين كافة أذرع المؤسسة الإسرائيلية - الآثار والقضاء والأمن والجيش - وتسخر كل ما لديها، وتبذل الأموال الطائلة جدًا؛ لخدمة أهدافها، ولإيجاد موقف إسرائيلى موحد تجاه القدس المحتلة.
وأضاف "بكيرات" أن دولة الاحتلال تستغل علم الآثار الذى يقوده جنرالات عسكريون لخدمة أهدافها، لافتا إلى أن إسرائيل حينما تقود صراع الرواية؛ تضرب بذلك الذاكرة العربية والإسلامية، وتخلق واقعا مزيفا تجعل منه حقيقة واقعية.
وقرر الاحتلال الإسرائيلى مؤخراً؛ إلزام كل شاب إسرائيلى بالمشاركة فى الحفريات التى تنفذها سلطة الآثار الإسرائيلية أسفل المسجد الأقصى، بحثاً عن أى دليل يربط اليهود بالحرم القدسى، وذلك عقب قرارات "اليونسكو" الأخيرة.