عندما رفض الشعب الهزيمة ونفض العار والانكسار، استجاب الجيش لإرادته ودخل فى سباق حياة أو موت مع الزمن، لإعادة بناء القوات المسلحة، وفى أقل من ست سنوات تحقق الانتصار العظيم فى ملحمة البطولة التى نعيش اليوم تحت ظلالها، بتحقيق سلام الشرفاء والأقوياء، الذى انتزعته مصر من إسرائيل، ولم يكن هبة أو منحة، ولولا حرب أكتوبر، لكانت الدنيا غير الدنيا والتاريخ غير التاريخ ومصر غير مصر، فالانتصار هو الذى فتح الطريق لاستعادة الأرض والكرامة والكبرياء.
كان مستحيلا أن يتحقق السلام من دون الحرب، وبحجم الانتصار تكون المكاسب، وتنعكس القوة على أرض الواقع وفى غرف التفاوض، فلا أحد يقدم بقشيشا لأحد.. المنتصرون يتفاوضون وهم مرفوعو الرأس والهامة، ولا يشعرون بخجل أو بعقد نقص، ويطالبون بحقوقهم المشروعة وهم فى منتهى القوة والإصرار، واستثمر المفاوض المصرى كل أوراق القوة التى تحققت فى ميدان القتال، ليحصل على أرضه كاملة دون أن يفرط فى شبر واحد.
كان البعض يراهن على أنه باستطاعة إسرائيل أن تفعل بسيناء مثلما تفعل فى الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان.. مماطلات لا تنتهى ومحاولات مستمرة لتوسيع مساحة المستوطنات، والتهام ما يمكن التهامه من أراضٍ، ولكنها لم تهنأ بالراحة لحظة واحدة، وتحولت الأرض تحتها إلى سجادة من نار، وسيناء هى فوهة البركان الذى يقذفها بالغضب.. وإسرائيل لم تتحمل الثمن الفادح، لأنها لا تقدر أن تعيش فى حالة حرب لسنوات طويلة، ولا تستطيع أن ترهن مواردها وشعبها من أجل الحرب المؤجلة والسلام الذى لا يجىء. أدركت إسرائيل بعد سنوات طويلة على الحرب، أن مصر هى رمانة ميزان السلام، وأنها الدرع الواقى الذى يصون الأمن والاستقرار فى المنطقة، وأنها الدولة الوحيدة القادرة على مساعدة إسرائيل والفلسطينيين فى التفاوض والحوار، بما تمتلكه من علاقات طيبة بمختلف الأطراف، اكتسبت مصر الثقة، لأنها تقف على مسافة واحدة من الفصائل الفلسطينية، وتأكد الفلسطينيون أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تستطيع أن تساعدهم، وتعمل لصالحهم، دون أغراض أو أهداف شخصية.. والثقة التى اكتسبتها مصر من إسرائيل والفلسطينيين على حد سواء، هى مفتاح السلام والاستقرار فى المنطقة، وهى عامل الأمان والطمأنينة، لأن هناك دولة فى حجم وأهمية مصر يمكن أن تتدخل فى الصراعات والأزمات الكبرى، للتهدئة وحقن الدماء، وإخراج القضية الفلسطينية من قبرها الذى دخلته منذ سنوات طويلة.
لم تتغير المعادلة إلا فى عام حكم الإخوان، عندما تحالفت أحلام الشياطين لإضعاف دور مصر ومكانتها، وحاولت بعض الدول الإقليمية الصغيرة أن ترمى مصر بالطوب والحجارة، بوهم أنه يمكن أن تنال من قدرها وقدرتها، وأن تنتزع عوامل قوتها ودورها المحورى الكبير الذى تلعبه فى المنطقة، ولكن هذه الدول تجهل أن مصر تبنى قوتها بالحروب والتضحيات العظيمة لشعبها، وانتصارها المجيد فى حرب أكتوبر.
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
عبور و إجتياح وإقتحام وبطولات وملاحم ... لكن العبرة بالنهاية
سجل التاريخ العسكرى بأحرف من نور بطولات وملاحم القوات المسلحة المصرية التى نجحت فى يوم 6 اكتوبر 1973 من إقتحام مانع قناة السويس الصعب وإجتياح خط بارليف المنيع وإقامة رؤوس الجسور على الضفة الشرقية من القناة وإفقاد العدو الاسرائيلى توازنه فى ست ساعات ولكنه سجل أيضا كيف إستطاع العدو الإسرائيلى من إستعادة توازنه بعد أن أفاق من هول المفاجأة و الصدمة التى أصابته فى الأيام الاولى للقتال ولم يتراجع و يتخذ مواقع دفاعية رغم التفوق المصرى والخسائر الفادحة التى تكبدها وبادر بالهجوم وقاتل بضراوة وتمكن من إقتحام الضفة الغربية لقناة السويس وإقامة رؤوس جسور عليها وإحتلال جبل عتاقة وميناء الأدبية وتدمير حائط الصواريخ وحصار مدينة السويس وكذلك حصار الجيش الثالث وإجبار الجيش الثانى الميدانى على إتخاذ مواقع دفاعية والوصول الى مسافة تبعد 101 كيلومتر من القاهرة حتى تم إيقاف إطلاق النار فى فى 28 أكتوبر 1973 وهو مازال موجوداً على أرض سيناء ومحتلاً لأراضى مصرية لم يطرد أو يجبر على الانسحاب من منها بقوة السلاح وإنما تركها وتخلى عنها فى 25 أبريل 1982 عدا منطقة "طــــــابا" بعد مفاوضات و مباحثات ديبلوماسية بدأت عند الكيلو 101 على طريق القاهرة ـ السويس لوقف إطلاق النار فى 28 أكتوبر 1973 بين مصر وإسرائيل بإشراف الأمم المتحدة و أنتهت بتوقيع السادات على إتفاقية كامب ديفيد فى17 سبتمبر 1978 ثم على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بواشنطون فى 26 مارس 1979 والتى أنهت حالة الحرب بين مصر وإسرائيل وضمنت عبور السفن الإسرائيلية لقناة السويس وإعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية و كذلك حجمت بنودها من الوجود العسكرى المصرى فى بعض المناطق من سيناء ومنعت دخول أى قوات عسكرية مصرية الى مناطق أخرى منزوعة السلاح وفى 19 مارس عام 1989 نجحت مصر فى استرداد منطقة "طــــــابا" بعد مباحثات دبلوماسية وقانونية و بعد عرض القضية على التحكيم الدولى.شـــــــــــــهد شــــــــــــاهد مــــــــــــن أهلــــــــــها... ذكر محمد حافظ أسماعيل مستشار السادات للامن القومى فى كتابه "أمن مصر القومى فى عصر التحديات" ص 348 مايلى : قال السادات بعد وقف اطلاق النار :"اننا دخلنا الحرب لاقناع اسرائيل بان الحرب لاتحل المشاكل واننا كسبنا الاحترام بدلا من احتقار العالم لنا " ثم اضـــــاف: " اننا لانستطيع تحــــــــــــرير ســـــــــيناء عســــــــــكريا